أدَّخر مالاً لشراء بيت، فهل تجب فيه الزكاة؟

الفتوى رقم 2524 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخت تسأل: أدَّخر مالاً لشراء بيت، فهل تجب فيه الزكاة؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

المال المدَّخر بصرف النظر عن نية الادّخار -بناء بيت، أو زواج، أو حجّ، أو غير ذلك- فإذا بلغ هذا المال النصاب -وهو 85 غرام ذهب صاف، فإنه يُضرب بسعر الجرام في السوق الحالي = بالعملة النقدية- وحال عليه الحول وهو سنة قمرية فقد وجب إخراج زكاته، لعموم الأدلة الدالة على وجوب زكاة المال، والقَدْرُ الواجب إخراجه في الزكاة هو 2.5%؛ أي ربع العشر. وهذا الحكم باتفاق المذاهب الفقهية.

واعلم -أخي السائل-: أن الزكاة شرعها الله تعالى تطهيراً ونماء وبركة، ومواساة للفقراء والمساكين، وهي فريضة عظيمة، لا يجوز التهاون في أدائها، فإن المال مالُ الله تعالى، وهو الذي أمر بالزكاة، وتوعَّد مَن فَرَّطَ في أدائها، كما قال سبحانه: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [سورة البقرة الآية:43]، وقال سبحانه: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة التوبة الآية:103]. وقال عزّ وجلّ: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [سورة التوبة الآية:34]. والكنز هو كلُّ مال وجبت فيه الزكاة، ولم تُخرَج.

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: “مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّار”. وأخبر ﷺ أن الزكاة لا تُنقِص المالَ في الحقيقة، بل تباركه وتزيده، فقال: “مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ”. رواه مسلم في صحيحه.

ومسألة البركة في المال يغفل عنها كثير من الناس، فقد يملك الإنسان الأموال الطائلة لكنها لا تكفيه، ولا تحقِّق له ما يريد، ولا يشعر معها براحة أو سعادة، ويملك غيرُه مالاً قليلاً، قد بُورك فيه، فيسعد به ويهنأ، وهذا أمرٌ مُشاهَد.

فلا تتردَّدي -أيتها الأخت- في إخراج زكاة المال، وأدِّي ذلك بنفس راضية، وقلب مطمئنّ، واعلمي أن رضا الله تعالى هو الغاية والمطلب، وأن الدنيا عَرَضٌ زائل، ومتاع قليل، (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [سورة آل عمران الآية:185].

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *