حكم لمس المصحف بدون وضوء، وحكم قراءة القرآن للحائض، وما حكم الجلوس بضوابط شرعية بمكان عام فيه أغاني؟

فتوى رقم 4888 السؤال: السلام عليكم، ما حكم لمس المصحف بدون وضوء؟ وما حكم قراءة القرآن للحائض؟ وما حكم الجلوس بضوابط شرعية بمكان عام فيه أغاني؟ (مثل مطعم أو حديقة..).

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال الأول: حكم مسِّ المصحف على غير وضوء. فقد اتفق الفقهاء على أنه يحرم بالحدث -الأصغر أو الأكبر- مسُّ المصحف؛ لقول الله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [سورة الواقعة الآية: 79]، ولما ورد في كتاب سيِّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لعمرو بن حزم رضي الله عنه “أن لا يَمَسَّ القرآنَ إلا طاهر” (رواه مالك في الموطأ مرسلاً، والحاكم في المستدرك وصحَّحه، وقال ابن عبد البَرِّ في التمهيد: هذا مشهور عند أهل العلم يُستغنى بشهرته عن الإسناد). واختلفوا في حكم مسِّه بحائل، كغلاف أو كُمٍّ أو نحوهما؛ فالمالكية والشافعية يقولون بالتحريم مطلقاً، ولو كان بحائل. والـمُفْتَى به عند الحنابلة جواز مَسِّ المصحف للمُحْدِث بحائلٍ مما لا يَتبَعه في البيع ككيس وكُمٍّ؛ لأن النهي إنما ورد عن مسِّه، ومع الحائل إنما يكون المسُّ للحائل دون المصحف. وأمّا الحنفية ففرَّقوا بين الحائل المنفصل والمتصل، فقالوا: يَحْرُم مسُّ المصحف للمُحْدِثِ إلا بغلاف متجافٍ -أي غير مَخيط- أو بصُرَّة. والمراد بالغلاف ما كان منفصلاً كالخريطة ونحوها، لأن المتصل بالمصحف يعتبر منه.
وعليه: يَحْرُم المسُّ ولو بحائل، وهو مذهب الشافعية والمالكية، وإذا كان ثمَّةَ حاجة لمسِّه في حالة الحدث فليَكُنْ ذلك بحائل.

وأما بالنسبة للسؤال الثاني: وهو حكم قراءة الحائض للقرآن الكريم، فقد نصَّ جمهور الفقهاء -الحنفية والشافعية والحنابلة- على: “أنه لا يجوز للمرأة الحائض قراءة -باللسان وليس بالقلب أو العين- شيءٍ من القرآن الكريم إلا على نية الذِّكر كـ (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مُقرنين) أو (بسم الله الّرحمن الرحيم) مثلاً…. وأجاز المالكية قراءةَ الحائض للقرآن الكريم مع حرمة مسِّ المصحف إلا للمعلِّمة والمتعلِّمة”. انتهى. باختصار من الموسوعة الفقهية (18/321 ـ 322).

وعليه: فإن كانت المرأة الحائض حافظة للقرآن الكريم وخشيت نسيانه فلا مانعَ من القراءة على قول السادة المالكية، وإلا فإنْ لم يكن ثمة خشية النسيان، أو لغرض التعلُّم فهو المنع حتى تنقضيَ عادتها وتتطهَّر، وهو مذهب أكثر الفقهاء.

وأما بالنسبة للسؤال الثالث: فالأصل أن تشتمل الضوابط الشرعية عدم وجود الأغاني في مكان وجود المسلم كمطعم مثلاً، لكنْ إن اقتضت حاجة أو مصلحة معتبرة شرعاً أن يوجد في مكان فيه معازف (موسيقى) هادئة فقط (كما هو الحال في كثير من المطاعم) فلا مانع، أما الأغاني -فغالباً يصاحبها اختلاط النساء بالرجال، وكشف للعورات وغيرها- فلا يحلّ. وأما بالنسبة للحديقة فيختلف الأمر؛ لأن الحديقة أرض فلاة وواسعة، فبالإمكان الابتعاد عن مكان الأغاني وتجمع الناس والاختلاط الموجود، وإن كان صوت الأغاني مسموعاً لكن المطلوب عدم الإنصات إلى تلك الأغاني. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *