ما حكم وضع موسيقى على فيديوهات العمل؟
فتوى رقم 4819 السؤال: السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته، ما حكم وضع موسيقى على فيديوهات العمل، أي: صفحة عمل على مواقع التواصل، أعرض عليها أشياء أنا أصنعها؟ علماً أن الموسيقى غير مرفقة بكلمات تدعو إلى الفتنة، وليس فيها صوت امرأة.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
إذا كان المقصود الموسيقى التصويرية فقد أجاز بعض أهل العلم المعاصرين ذلك، لكننا نميل إلى المنع، طالما أنه معازف محرَّمة. ونشير إلى أنه بالإمكان استخدام المؤثِّرات الصوتية التي لا تُصدر نفس أصوات المعازف المحرَّمة. وقد نصَّ العلماء في كتبهم المعتمدة على منع المعازف الـمُحرَّمة كآلات النفخ أو ذوات الوَتَر، قال الفقيه المحقِّق ابن حجر الهيتميُّ الشافعيُّ -رحمه الله- في كتابه “كفّ الرَّعاع عن محرَّمات اللهو والسماع” (ص:118): “الأوتار والمعازف، كالطُّـــنْبُور والعُود والصَّنْج… وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللَّهو والسَّفاهة والفُسوق، وهذه كلُّها محرَّمة بلا خِلاف، ومَنْ حكى فيه خلافًا فقد غلط أو غلب عليه هَواه، حتى أصمَّه وأعماه، ومنعه هداه، وزلَّ به عن سَنن تَقواه..وممَّن حكى الإجماعَ على تحريم ذلك كلِّه: الإمامُ أبو العباس القرطبيُّ، وهو الثقة العدل، فإنَّه قال -كما نقَلَه عن أئمَّتنا وأقرُّوه-: أمَّا الـمَزَامِير والكُوبَة -الدربكة- فلا يُختَلف فِي تحريم سماعها، ولم أسمعْ عن أحدٍ ممَّن يُعتَبر قولُه من السلف، وأئمَّة الخلف مَن يُبيح ذلك، وكيف لا يُحرَّم وهو شعار أهل الخُمور والفُسوق، ومهيِّج للشهوات والفساد والمجون، وما كان كذلك لم يُشَكَّ في تحريمه ولا في تفسيق فاعله وتأثيمه. وممَّن نقل الإجماعَ على ذلك أيضًا إمامُ أصحابنا المتأخِّرين أبو الفتح سُلَيْمُ بنُ أَيُّوبَ الرازيُّ، فإنَّه قال فِي “تقريبه” بعد أنْ أورد حديثًا فِي تحريم الكُوبَة، وفي حديثٍ آخرَ: “أنَّ اللهَ يَغفِرُ لكلِّ مذنبٍ إلا صاحب عَرطَبة أو كُوبة”، والعَرطَبة: العُود، ومع هذا فإنَّه إجماع”. انتهى.
وممن حكى الإجماعَ -أي الاتفاق- أيضًا الفقيهُ المحدِّث أبو الحسين البغويُّ الشافعيُّ -رحمه الله تعالى-في كتابه “شرح السُّنَّة” (12/383) فإنه قال: “وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيم الـمَزَامير والملاهي وَالْمَعَازِف”. انتهى.
وقال الفقيه الحنبليُّ ابنُ قدامةَ -رحمه الله-في كتابه “المغني” (9/132): “آلَةُ اللَّهْوِ كَالطُّنْبُورِ، وَالْمِزْمَارِ، وَالشَّبَّابَةِ… آلَةٌ لِلْمَعْصِيَةِ، بِالْإِجْمَاع”. انتهى.
وعليه: فيُمنع شرعاً استخدام المعازف المحرَّمة، ولا حرجَ في استخدام المؤثْرَات الصوتية التي لا تُصدر نفس أصوات المعازف المحرَّمة.
وننبِّه إلى أنه في حالة استعمال المعازف المحرَّمة في التسويق للمنتجات والسلع، فهذا لا يؤثِّر على مسألة حِلّ السلعة أو الـمُنتَج المباح، وعلى حِلِّ المال الناتج عن بيعها؛ لأنَّ الحرمة غير متعلِّقة بالسلعة أو الـمُنتَج. والله تعالى أعلم.