هل من واجب الزوجة أن تطبخ وتنظّف المنزل؟ أم أن واجبها إدارة المنزل كتأمين الطبخ والنظافة؟

فتوى رقم 4289 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل من واجب الزوجة أن تطبخ وتنظّف المنزل؟ أم أن واجبها إدارة المنزل كتأمين الطبخ والنظافة (مثلا تستطيع أن تستأجر خادماً للطبخ والتنظيف، بدلاً من أن تطبخ وتنظف بنفسها)؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

فقد اتفق الفقهاء على أن الزوجة يجوز لها أن تخدم زوجها في البيت، سواء أكانت ممن تخدم نفسها أم ممن لا تخدم نفسها، إلا أنهم اختلفوا في وجوب هذه الخدمة، فذهب جمهور الفقهاء ــ من الشافعية والحنابلة وبعض المالكية ـــ إلى أن الَأْولَى بالزوجة خدمة زوجها بما جرت العادة به.

وذهب الحنفية إلى وجوب خدمة المرأة لزوجها ديانةً ــ يعني أنها تُحاسَب على تقصيرها عند الله ـــ لا قضاءً ــ فلا يستطيع الزوج أن يُلزم الزوجة بالخدمة ـــ ؛ لأن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَسَّم الأعمال بين عليٍّ وفاطمةَ رضي الله عنهما، فجعل عمل الداخل على فاطمةَ رضي الله عنها، وعمل الخارج على عليٍّ رضي الله عنه، ولهذا فلا يجوز للزوجة – عندهم – أن تأخذ من زوجها أجراً من أجل خدمتها له.

وذهب جمهور المالكية … إلى أنَّ على المرأة خدمة زوجها في الأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها؛ لقصة عليٍّ وفاطمةَ رضي الله عنهما، حيث إن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قضى على ابنته فاطمة رضي الله عنها بخدمة البيت، وعلى عليٍّ رضي الله عنه بما كان خارج البيت من الأعمال، ولحديث : “لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلاً أمر امرأته أن تنقل من جبلٍ أحمرَ إلى جبلٍ أسودَ، ومن جبلٍ أسودَ إلى جبلٍ أحمرَ لكان نَوْلُها -أي: ينبغي لها – أن تفعل”. قال الجُوْزَجَانِيُّ: فهذه طاعته فيما لا منفعة فيه، فكيف بمؤنة معاشه؟ ولأن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يأمر نساءه بخدمته فيقول: “يا عائشةُ أَطعمينا، يا عائشةُ هَلُمِّي المديةَ واشْحَذِيها بحجر”. وقال الطبريُّ: إنَّ كلَّ مَن كانت لها طاقة من النساء على خدمة بيتها في خبز، أو طحن، أو غير ذلك أن ذلك لا يلزم الزوج، إذا كان معروفاً أنَّ مثلَها يَلِي ذلك بنفسه.”انتهى من “الموسوعة الفقهية الكويتية” (19/44).

وعليه: فإنه لم يَزَلْ في عُرْفِ المسلمين أن الزوجة تخدم زوجها الخدمة المعتادة في إصلاح طعام وتغسيل ثياب وأواني، وتنظيف بيت ونحوه، وهذا عُرْفٌ جَرَىَ عليه العمل من العهد النبويّ إلى عهدنا هذا من غير نكير، ولكن لا ينبغي تكليف الزوجة بما فيه مشقَّة وصعوبة، وإنما ذلك حسب الطاقة والعادة، وبهذا يتبَّين أن الزوجة مُطالَبة ـــ كما قال فقهاء الحنفية ـــ بالخدمة والعمل في بيت الزوجية بالمعروف، كما أن الزوج مطالب بالعمل والكسب خارجه، فالقاعدة الفقهية نصَّت على أن: “المعروف عُرفاً كالمشروط شرطاً”. فإذا لم تَقُمْ الزوجة بأعمال البيت، فمن الذي سيقوم بها؟ والزوج مشغول سائرَ يومه بالكسب، وأكثر الناس لا يستطيع دفع أجرة للخادمة. ولو أن النساء امتنعن عن الخدمة، لأعرض الرجال عن الزواج منهن، أو اشترطوا عليهن الخدمة في عقد النكاح، ليزولَ الإشكال.

وننبّه: على أن الزوجة إن كانت قبل زواجها تُخدَم في بيت أهلها، والزوج قادر على الإتيان بخادمة تخدم في بيته، فقد وجب – على قول جمهور أهل العلم – أن يجلب لها خادمة تخدمها وتقوم بشؤون البيت. بتصرُّف من الموسوعة الفقهية (19/38). والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *