امرأة تريد الطلاق؛ ما هي حقوقها وواجباتها شرعاً، وما هي حقوق وواجبات الزوج شرعًا، والحضانة لمن تكون؟

الفتوى رقم 2623 السؤال: السلام عليكم، أريد أن أسأل عن الطلاق: امرأة تريد الطلاق وعندها صبي عمره 4 سنوات وبنت عمرها 8 سنوات، ما هي حقوقها وواجباتها شرعاً، وما هي حقوق وواجبات الزوج شرعًا، والحضانة لمن تكون؟ علماً أن الزوج غير مسؤول عن أبنائه سوى بالمال والمصروف ولا يتدخل بشؤون أولاده إلا نادرًا؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بدايةً، ينبغي أن تسأل عن حكم طلب الطلاق، ثم بعد ذلك يأتي الكلام على حقوق الزوجة بعد الطلاق وقبل الطلاق وواجبات الزوجة تجاه زوجها وحقوق وواجبات الزوج والحضانة، فهذه الأسئلة عامّة وليس فيها طلب فتوى، فالفتوى تكون بسؤال محدَّد كما في سؤال حكم طلب الطلاق، وليس كلاماً عامّاً كما في الأسئلة المرسَلة، ولكننا سنجيبك باختصار.

حكم طلب الزوجة الطلاق:

بدايةً، حكم طلب الزوجة الطلاق: لقد جعل الله الزواج سبباً للسكينة والمودّة والرحمة، قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة الروم الآية: 21]. فإذا لم يحصل الوئام والانسجام والحبّ للزوج، فالمطلوب -والحال هذه- أن يكون مصارحة وحوار مع الزوج، وتبحثان سوياً عن حلّ، وكيفيّة العلاج لها.

وليس للمرأة أن تطلب الطلاق لمجرّد حدوث مشكلة في الزوج -عدم التديُّن وعنده أخلاق سيئة- وهل كان كذلك عندما رضيت به زوجاً أم لم يكن كذلك- فالمسألة ليست بهذه البساطة أن تطلبي الطلاق، فإن الأصل تحريم طلب الطلاق؛ لما روى أبو داودَ والترمذيُّ وابن ماجه عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة.” والبأس: هو الشدّة والسبب الـمُلجِئ للطلاق. لكن إن كرهت الزوجة زوجها لهيئته، أو لسوء عشرته، ولم تُطِقْ العيش معه، فإنه يجوز لها طلب الطلاق حينئذ، لأنه لا مصلحة من بقائها على هذا الحال، فقد يدفعها بغضها لزوجها إلى التقصير في حقّه، فتأثم. روى البخاريُّ في صحيحه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً”. وقولها: “ولكني أكره الكفر في الإسلام” أي: أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه.. ونحو ذلك. فهذه المرأة خافت من البقاء مع زوجها وهي تُبغضه، أن تقصّر في حقوقه وأن تعصيَه فتأثم بذلك، فطلبت الخلاص من العلاقة الزوجية، ووافقها النبيُّ ﷺ على ذلك. والخلاص من العلاقة الزوجية قد يكون بالطلاق إذا قَبِل الزوج ذلك، أو بالخلع، فتتنازل المرأة عن مهرها أو عن بعض حقّها، حسبما يتفق الزوجان، ثم يطلّقها. نسأل الله أن يصلِح أحوال المسلمين.

حقوق الزوجة على زوجها، وحقوق الزوج على زوجته

وأما بالنسبة لحقوق الزوجة على زوجها، وحقوق الزوج على زوجته، فالجواب:

أولاً: بالنسبة لحقوق الزوجة على زوجها: فهي حقوق مالية: كالمهر، والنفقة، والسكنى. وحقوق غير مالية: كالعدل في القَسم بين الزوجات، والمعاشرة بالمعروف، وعدم الإضرار بالزوجة.

والحقوق الماليَّة:

1- المهر: هو المال الذي تستحقُّه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها، وهو حقٌّ واجب للمرأة على الرجل.

2 – النفقة: وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهنَّ بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها، فإن امتنعت منه أو نشزت لم تستحقَّ النفقة.والمقصود بالنفقة: توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام، ومسكن، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنيّة.

3 – السكنى: وهو أن يهيّىء لها زوجُها مسكناً على قدر سعته وقدرته.

وأما الحقوق غير الماليَّة:

1 – حسن العشرة: ويجب على الزوج تحسين خُلُقِه مع زوجته والرفق بها، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلِّف قلبها.

2 – عدم الإضرار بالزوجة: وهذا من أصول الإسلام، ويدخل في ذلك عدم جواز الضرب المبرح، والسب والشتم والإهانة.

3 – العدل بين الزوجات: من حقِّ الزوجة على زوجها العدل بالتسوية بينها وبين غيرها من زوجاته، إن كان له زوجات، في المبيت والنفقة والكسوة.

ثانياً: حقوق الزوج على زوجته:

1 – وجوب الطاعة بالمعروف.

2 – تسليم المرأة نفسها إلى الزوج وتمكينه من الاستمتاع بها: مِن حقّ الزوج على زوجته تمكينه من الاستمتاع بها، وإذا امتنعت الزوجة من إجابة زوجها في الجماع وقعت في المحذور وارتكبت كبيرة، إلا أن تكون معذورة بعذر شرعي؛ كالحيض وصوم الفرض والمرض وما شابه ذلك.

3 – صيانة عِرْض الزوج والمحافَظة على مالِه وولده: ومنها عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله إلى بيته.

4 – عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج: من حقّ الزوج على زوجته ألَّا تخرج من البيت إلا بإذنه.

5 – التأديب: للزوج تأديب زوجته عند عصيانها أمره بالمعروف لا أمره بالمعصية.

6 – خدمة المرأة زوجها وتدبير المنزل وتربية الأولاد: خدمة الزوجة لزوجها بالمعروف من مثلها لمثله، ويتنوّع ذلك بتنوُّع الأحوال فخدمة القروية ليست كخدمة غيرها، وخدمة المدنية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة.

حقوقها بعد الطلاق

وأما حقوقها بعد الطلاق، فهي مؤخّر المهر، إن كان باقياً في ذمّة الزوج؛ والنفقة، والكسوة، والمسكن أثناء العدَّة إن كان الطلاق رجعيّاً، فإن كان بائناً فلا نفقة لها ولا سُكنى ولا مسكن إلا إذا كانت حاملاً. ومن حقوقها المادية على زوجها أيضاً، المتعة: وهي مبلغ من المال يدفعه الزوج لها على قدر وُسْعِه وطاقته، وهذه لها تفصيلات عند فقهاء المذاهب.

حقوق الزوج على زوجته بعد الطلاق

وأما حقوق الزوج على زوجته بعد الطلاق: العدَّة، وعدم الخروج إلا بإذنه.

الحضانة

وأما بالنسبة للحضانة، فقد اتفق العلماء على أن للزوجة –الأم- حضانة أولادها، بشرط أن تكون الأم الحاضنة مسلمة، وعاقلة، وراشدة أي تحسن التصرُّف، ومتّصفة بالأمانة في الدّين، بمعن أنها لا تشرب الخمر أو تتعاطى المخدِّرات… وغيرها من الأمور التي تطعن بعدالتها بحيث توصف بالفسق؛ وعدم سفر -الأم الحاضنة-، وأمن المكان الموجود فيه المحضون –الولد-؛ وأن لا تتزوَّج الحاضنة –الأم-. وأما بالنسبة لسنّ الولد الذي تستحقّ أمُّه أن تحتضنه، فهو 12 سنة للذكور والإناث، لدى المحكمة الشرعية السنّية في لبنان.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *