قال لزوجته: “إذا ذهبتِ إلى الشيخ الـمُقرئ ولسانك خاطب لسانَه فأنتِ حرامٌ عليَّ مثل أختي”
الفتوى رقم 2625 السؤال: أخت فاضلة تقرأ القرآن عند شيخ مُقرئ، فحصل خلاف بينها وبين زوجها، فحلف عليها زوجها يمين حرام أن لا تقرأ القرآن عند شيخها الـمُقرئ كي يعاقبَها، وجعلها تحلف يميناً على القرآن بأن لا تذهب إلى المقرأة أبدًا، ثمّ ندم ويريد أن يصلح ما أفسد. وهذه صيغة اليمين: “إذا ذهبتِ إلى الشيخ الـمُقرئ ولسانك خاطب لسانَه فأنتِ حرامٌ عليَّ مثل أختي”. وجعلها تحلف على القرآن بأن لا تخالفه في ذلك الأمر فحلفت. هل لهذا اليمين كفارة ومخرج؟ وما هو؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بدايةً يُنظر للنيّة، فلفظ: “أنت حرام عليَّ مثل أختي” لفظ كناية غير صريح في الطلاق فيحتاج إلى نيّة قائله، كما نصَّ على ذلك فقهاء الشافعية -في كتبهم المعتمَدة- كما في “مغني المحتاج للشربيني” (3/283)، فإن كانت النية الطلاق، فطلاق معلَّق. وإن كانت النية ظهاراً فظِهار. وإن لم ينْوِ شيئاً بلفظ الحرام فيمين. هذا كلُّه معلَّق على ذهابك إلى الشيخ المقرئ كما في السؤال، فإذا حصل ذهابك إلى الشيخ المقرئ -كما في السؤال- مع تذكُّر وعلم الزوجة بهذا التعليق، فإن كانت النية -كما ذكرنا- الطلاق، فإن الطلاق يقع بلا خلاف عند فقهاء المذاهب الأربعة، وإذا قصد الظهار فظِهار، وهذا له -أي الظهار له- كفَّارة وهي: عتق رقبة -وهذا غير متوافر اليوم- فإن لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعَين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً؛ لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) [سورة المجادلة الآيتان:3،4].
وأما إذا قصد اليمين أو لم يقصد شيئاً، يكون يميناً تلزمه كفارة اليمين هذا إذا حصل المعلَّق عليه، والكفارة ذكرها الله عز وجلّ في سورة المائدة الآية 89، حيث قال تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وهو بدايةً مخيَّر بين: عتق رقبة مؤمنة -وهذا غير متوافر اليوم- أو إطعام عشرة مساكين لكلِّ مسكين وجبة مشبعة من غالب قوت أهل البلد؛ كالأرز والفول ونحوه، أو كسوتهم بما يُعَدُّ كسوةً في عُرف الناس، (ويمكن إعطاؤها لمسكين واحد طالما أنه مسكين)، فإن لم يستطع واحدة مما ذكر فيجب عليه صيام ثلاثة أيام ولا تُشترط الموالاة –التتابع- بينها.
والله تعالى أعلم.