فتح مشروع رأس ماله حرام، ما حكم المال المكتسب منه؟
فتوى رقم 4696 السؤال: السلام عليكم، كان معي مال حرام اكتسبته قبل مدة من خلال عملي عبر الإنترنت، ومع علمي بحرمته فقد قمت باستثمار ذلك المال في مجال آخر في الإنترنت -وهو حلال- لكنني استمريت في عملي الأول والذي أعتبره حراماً، وعندي النية في التوقُّف عنه في الأيام المقبلة. فهل مكسبي من العمل الثاني حلال أم حرام؟ بحكم أن رأس المال الذي استثمرته في هذا العمل أصلُه حرام؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
فهذه المسألة اختلف فيها الفقهاء على قولين:
القول الأول: وهو ما ذهب إليه السادة الحنفية، وهو المنصوص عليه في كتاب “الهداية شرح البداية” للإمام الـمَرْغِينانيِّ الحنفيِّ -رحمه الله- (3/338)، والحنابلة، وهو المنصوص عليه في كتاب “كشَّاف القناع” للعلَّامة البُهُوتيِّ الحنبليِّ -رحمه الله- (4/113)، إلى: “أن الربح يَتْبَع رأسَ المال، ولا يتبع الجهد المبذول إذا كان المال قد أُخذ بغير إذن مالكه الحقيقي، وأن عوائد المال المأخوذ من صاحبه بلا سبب مشروع تكون لربِّ المال إذا كان معلوماً، وليس لآخِذِها منها شيء. وأما إن كان مجهولاً فإنه يُتصدَّق به عنه”.
القول الثاني: هو ما ذهب إليه السادة المالكية، وهو المنصوص عليه في كتاب “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” للعلَّامة ابن رُشد المالكيِّ -رحمه الله- (2/241)، والشافعية، وهو المنصوص عليه في كتاب “روضة الطالبين وعُمدة الـمُفتين” للإمام النوويِّ الشافعيِّ -رحمه الله- (4/211)، والقاضي أبو يوسف والإمام زُفَر من الحنفية -رحمهم الله -وهو المنصوص عليه في كتاب “تحفة الفقهاء” للفقيه السمرقنديِّ الحنفيِّ -رحمه الله- (3/113): أن الربح تَبَعٌ للجهد المبذول لا لرأس المال، ومن ثَمّ يكون الربح الناشئ عن استثمار المال الحرام مملوكاً للآخذ وليس لربِّ المال. واستدلّ كلُّ فريق بأدلة.
وعليه: فالذي نُفتي به هو ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة من أن الربح يتبع رأس المال، ولا يتبع الجهد المبذول، فإن كان المال الحرام أخذتَه من صاحبه بغير رضاه، فحينئذٍ لا يَحِلُّ هذا الربح ويكون لمن أُخذ منه إن كان معروفاً، وإلَّا يُتصدَّق به على نية صاحبه. وأما إن كان أخذ المال برضا صاحب المال – لكنه حرام لكونه مخالفاً للشرع- ثم اتَّجر به وربح، فالمال لمن اتجر به لكن عليه التوبة إلى الله في كلِّ الأحول .