حكم تناول الأدوية التي تحتوي على موادَّ محرَّمة، وحكم الإجهاض؟

فتوى رقم 4570 السؤال: السلام عليكم، ما حكم تناول الأدوية التي تحتوي على موادَّ محرَّمة؛ كالكحول ومشتقات الخنزير؟  وما حكم الإجهاض؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال الأول: بدايةً، فالدواء يأتينا -غالباً- من بلاد غير المسلمين، وكثير من الأدوية تحتوي في تصنيعها على محرَّم كالكحول والميتة، ونادراً ما يكون فيها مشتقات الخنزير كالكبسولات للأدوية مثلاً، وهذا صار من عموم البلوى التي يصعب على الـمُستعمِل لتلك الأدوية أن يعرف محتوياتِها، وهذه في الأصل مسؤولية أهل الاختصاص، كوزارات الصحة في بلاد المسلمين.

فالأصل أن نحرص على الدواء الخالي من أيِّ محرَّم؛ سواء كان للاستعمال الخارجي، أو الداخلي، فإنْ تعذَّر وجود البديل الخالي من محرَّم فلا مانعَ من استعماله على التفصيل الذي سنذكره؛ فالدواء الذي يشتمل على نجس كالكحول ومشتقات الخنزير ونحوه، وهو للاستعمال الخارجي فلا حرجَ فيه مهما كانت الكمية، ومنه ما يُعرف بالسبيرتو. وأما الدواء الذي يُشرَب فله أحوال منها: ما إذا استُهلِك، يعني: تحوّلت عينُه بسبب التركيبة الدوائية إلى عينٍ أخرى فلا حرجَ في تناوله. وأما إذا لم يُستهلَك، يعني: كان واضح المذاق، فإن كان ثمة بديل فلا يَحِلُّ، وإلَّا جاز.

يقول الفقيه الخطيب الشربينيُّ -رحمه الله- في كتابه “مغني المحتاج شرح ألفاظ المنهاج” (3/188): “محلُّ الخلاف في التداوي بها -يعني بالخمر- بصِرْفها، أما الترياق المعجون بها ونحوه مما تُستهلَك فيه، فيجوز التداوي به عند فَقْدِ ما يقوم مَقامه، مما يحصل به التداوي من الطاهرات؛ كالتداوي بنجس، كلحم حيّة، وبول، ولو كان التداوي بذلك لتعجيل شفاء، بشرط إخبار طبيب مسلم عَدْلٍ بذلك، أو معرفته للتداوي به”. انتهى.

وكذلك جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة ما يأتي: “الحمد لله وحدَه، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده، أما بعد: فإنّ مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه من: 5-10/1/2002م، وبعد النظر في الأبحاث المقدَّمة عن الأدوية المشتملة على الكحول والمخدِّرات، والمداولات التي جرت حولها، وبناء على ما اشتملت عليه الشريعة من رفع الحرج، ودفع المشقّة، ودفع الضرر بقَدْرِه، وأن الضرورات تُبيح المحظورات، وارتكاب أخفّ الضررين لدرء أعلاهما، قرر ما يلي:

لا يجوز استعمال الخمرة الصِّرْفة دواءً بحال من الأحوال؛ لقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : «إنَّ اللهَ لم يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّم عَلَيْكُمْ» رواه البخاريُّ في الصحيح،

ولقوله: «إنَّ اللهَ أنزَل الدَّاءَ، وجعَل لِكُلِّ داءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا، ولا تَتَدَاوَوْا بحَرَامٍ» رواه أبو داودَ في السُّنن، وابن السُّنِّي، وأبو نُعيم. وقال لطارق بن سُويد -لـمّا سأله عن الخمر يُجعَلُ في الدواء-: «إنَّ ذلك لَيْسَ بِشِفَاءٍ، ولَكِنَّه دَاءٌ» رواه ابن ماجه في سننه، وأبو نُعيم.

يجوز استعمال الأدوية المشتملة على الكحول بنِسَبٍ مُستهلَكةٍ تقتضيها الصناعة الدوائية التي لا بديلَ عنها، بشرط أن يصفَها طبيب عدل، كما يجوز استعمال الكحول مطهِّرًا خارجيًّا للجروح، وقاتلاً للجراثيم، وفي الكريمات والدهون الخارجية”. انتهى.

وعليه: لا مانع من استعمال الدواء الذي يحتوي على نجاسة ونحوها، على التفصيل الذي ذكرناه.

أما بالنسبة للسؤال الثاني: فالإجهاض فيه تفصيل عند أهل العلم: فإن كان بعد نفخ الروح، -ويكون ببلوغ الحمل مئة وعشرين يوماً – فيَحْرُمُ الإسقاطُ بإجماع العلماء، إلا في حالةِ تحقُّقِ وفاة الأم إن استمر الحمل. وأمَّا قبل نفخ الروح فالمسألة مُختلَف فيها عند أهل العلم على تفصيلٍ بينهم، فمنهم من أجاز بشروط، ومنهم مَن منع مطلقاً، طالما أنَّ الحمل قد انعقد. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *