ما حكم تواصل  المعتدَّة مع زميلها في العمل أو ابن خالها، أو مع جارتها للسؤال عن أحوالهم؟

فتوى رقم 4550 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد وفاة الزوج تعتدُّ الزوجة، ولكن الآن مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي مثل الواتساب وغيره، ما حكم تواصل  المعتدَّة مع زميلها في العمل أو ابن خالها، أو مع جارتها للسؤال عن أحوالهم؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

الأصل في محادثات المرأة مع الرجل الأجنبي أو العكس -معتدَّة المرأة كانت أم لا- عبر أي وسيلة -تطبيقات التواصل الاجتماعي أو الهاتف أو مباشرة- أن يكون ضمن الضوابط الشرعية التي تحفظ تلك العلاقة من الفتنة والفساد، فلا يجوز بناء صداقات بين المرأة والرجل الأجنبي، ففي الصحيحَيْن من حديث أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ”. وروى مسلمٌ في صحيحه أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «اتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».

ومن أهمِّ تلك الضوابط: وجود الحاجة للتواصل والمراسلة ونحوها، كالتبايع، والتعلُّم، والفتوى، وإنجاز معاملات، ونحوها من الأمور الحاجيَّة وربما الضروريَّة، وكذلك من الضوابط أن يكون موضوع الكلام بينهما عامًّا ومباحاً، وأن لا يكون في الكلام خضوع، لقول الله تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ ‏بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [سورة الأحزاب الآية: 32].

يقول العلَّامة ابنُ العربيِّ المالكيُّ -رحمه الله تعالى- في تفسيره: “قوله تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ ‏بِالْقَوْلِ) أمرهنَّ اللهُ تعالى أن يكون قولُهنَّ جزلاً، وكلامهن فصلاً، ولا ‏يكون على وجه يُحْدِث في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين، الـمُطْمِعِ للسامع”. انتهى.‏

وأن لا يكون ثمة صورة للمرأة واضحة الوجه أو بثُّ تسجيلٍ مصوَّرٍ أو مباشر، كلُّ ذلك ممنوع إلا لحاجة شرعية معتبرة. روى البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ أو يُكَذِّبُهُ»، وعند أحمدَ في مسنده زيادة: «والآذانُ زِناها الاستماع» .قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة النور الآية:21].

وعليه: فإن الأخت المعتدَّة يمكنها التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالضوابط التي ذكرناها، فإن لم تتوافر تلك الضوابط حَرُم؛ لأنَّ ما كان سبباً للفتنة، وذريعة إلى الفساد وَجَبَ منعُه، وحَرُمَ فِعْلُه. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *