لديَّ زكاة حُلِيِّ زوجتي، ولي في ذمةِ أحدهم دَيْنًا، فهل يَصِحُّ أن أستوفيَ الدَّيْن بأن أتنازل عنه على أنه زكاة؟

فتوى رقم 4448 السؤال: لديَّ زكاة حُلِيِّ زوجتي، ومقداره 430 ريال، ولي في ذمةِ أحدهم دَيْنًا مقداره 700 ريال، فهل يَصِحُّ أن أستوفيَ أنا جزءًا من هذا الدَّيْن، والبالغ 270 ريالًا، أتنازل عنه للفقير، أي: أُسامحه بباقي الدَّين؟ أفتونا في ذلك مأجورين.

 الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة لزكاة الحليّ، فالذي نُفتي به هو ما عليه أكثر أهل العلم، أنَّه لا زكاةَ في حليّ المرأة الذي بلغ نصاباً وهو 85 غرامًا صافيًا، إلا إذا قصدت به الكنز أو بلغ حدًّا زائدًا على مثيلاتها في الطبقة الاجتماعية.

وعليه: فإن كان الحُليّ للزينة فقط ولو لم تلبسه المرأة، فلا زكاةَ فيه، وإلا بأنْ قصدت به الكنز أو بلغ حدّاً زائداً على زينة مثيلاتها في الطَّبقة الاجتماعية فقد وجب زكاته، وتخرج اثنين ونصفًا بالمئة غراماتٍ ذهبيةً، (وليس بحسب سعر الحليّ، بل بحسب وزنه)، وما وجب عليك من الغرامات الذهبية يمكنك أن تخرجها نقوداً، بأن تسأل عن سعر غرام الذهب الصافي عند بائعي الذهب يوم الدفع إلى مستحِقّ الزكاة.

 وإذا وجبت الزكاة في حُلِيِّ زوجتك، ثم أردت ـــ كما فهمنا من السؤال ـــ أن تعطيَ شخصًا مسلمًا مَدِينًا لك بمبلغ 700 ريال، بينما زكاة حُلِيِّ الزوجة المستحق هو 430ريالًا، وما بقي تُسقطه عنه، على أن تأخذ أنت مبلغ 430 ريالًا الذي هو زكاة حُلِيِّ زوجتك. فجواب هذه الجزئية من السؤال، هو اعتبار الدَّين الـمُسْتَحَقِّ لك زكاةً فهذه المسألة قد نصَّ فقهاء المذاهب الفقهية اﻷربعة على أنَّه لا يَصِحُّ جعلُ ذلك المال غير الموجود ــ الدَّين ــــ والذي هو في الذمة زكاةً؛ ﻷنَّ من شروط صحة أداء الزكاة أن ينويَ المزكِّي الزكاة عند إخراجه، ومال الدَّين تملَّكه الـمَدِينُ على أنَّه دَيْنٌ وليس زكاة.

فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي: “ﻻ‌َ ﻳﺠﻮﺯُ ﻟﻠﺪَّﺍﺋﻦِ ﺃَﻥْ ﻳُﺴْﻘِﻂَ دَينَهُ ﻋﻦْ ﻣَﺪِﻳﻨﻪِ الفَقِيرِ ﺍﻟْﻤُﻌْﺴَﺮِ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻟَﻴْﺲَ ﻋِﻨْﺪَﻩُ ﻣَﺎ ﻳَﺴُﺪُّ ﺑِﻪِ ﺩَﻳْﻨَﻪُ ﻭَﻳَﺤْﺴِﺒَﻪُ ﻣِﻦْ ﺯَﻛَﺎﺓِ ﻣَﺎﻟِﻪِ، ﻓَﺈِﻥْ ﻓَﻌَﻞ ﺫَﻟِﻚَ ﻟَﻢْ ﻳُﺠْﺰِﺋْﻪُ ﻋﻦِ ﺍﻟﺰَّﻛﺎﺓِ، ﻭَﺑﻬَﺬَﺍ ﻗَﺎﻝ ﺍﻟْﺤَﻨَﻔِﻴَّﺔُ ﻭَﺍﻟْﺤَﻨَﺎﺑِﻠَﺔُ ﻭَﺍﻟْﻤَﺎﻟِﻜِﻴَّﺔُ ﻣَﺎ ﻋَﺪَﺍ ﺃَﺷْﻬَﺐَ، ﻭَﻫُﻮَ ﺍﻷ‌ْﺻَﺢُّ ﻋِﻨْﺪَ ﺍﻟﺸَّﺎﻓِﻌِﻴَّﺔِ، ﻭَﻗَﻮْﻝ ﺃَﺑِﻲ ﻋُﺒَﻴْﺪٍ، ﻭَﻭَﺟْﻪُ ﺍﻟْﻤَﻨْﻊِ أنَّ ﺍﻟﺰَّﻛَﺎﺓَ ﻟِﺤَﻖِّ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺗَﻌَﺎﻟَﻰ، ﻓَﻼ‌َ ﻳَﺠُﻮﺯُ ﻟِﻺ‌ْﻧْﺴَﺎﻥِ ﺃَﻥْ ﻳَﺼْﺮِﻓَﻬَﺎ ﺇِﻟَﻰ ﻧَﻔْﻊِ ﻧَﻔْﺴِﻪِ ﺃَﻭْ ﺇِﺣْﻴَﺎﺀِ ﻣَﺎﻟِﻪِ، ﻭَﺍﺳْﺘِﻴﻔَﺎﺀِ ﺩَﻳْﻨِﻪِ، ﻭَﺫَﻫَﺐَ ﺍﻟﺸَّﺎﻓِﻌِﻴَّﺔُ ﻓِﻲ ﻗَﻮْﻝٍ ﻭَﺃَﺷْﻬَﺐُ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤَﺎﻟِﻜِﻴَّﺔِ ﻭَﻫُﻮَ ﻣَﻨْﻘُﻮﻝٌ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﺤَﺴَﻦِ ﺍﻟْﺒَﺼْﺮِﻱِّ ﻭَﻋَﻄَﺎﺀٍ: ﺇِﻟَﻰ ﺟَﻮَﺍﺯِ ﺫَﻟِﻚَ، ﻷ‌ِﻧَّﻪُ ﻟَﻮْ ﺩَﻓَﻊَ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺯَﻛَﺎﺗَﻪُ ﺛُﻢَّ ﺃَﺧَﺬَﻫَﺎ ﻣِﻨْﻪُ ﻋَﻦْ ﺩَينه جاز، فكذا هذا”. انتهى.

وﻗﺎﻝ اﻹمام ﺍﻟﻨﻮﻭﻱُّ -ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ-في كتاب المجموع شرح المهذَّب(6/210): “ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻣُﻌْﺴَﺮٍ ﺩَﻳْﻦٌ ﻓﺄﺭﺍﺩ ﺃﻥْ ﻳﺠﻌﻠَﻪ ﻋﻦ ﺯﻛﺎﺗﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﺟﻌﻠﺘُﻪ ﻋﻦ ﺯﻛﺎﺗﻲ؛ ﻓﻮﺟﻬﺎﻥ ﺣﻜﺎﻫﻤﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﺻﺤُّﻬﻤﺎ: ﻻ‌ ﻳُﺠﺰﺋﻪ، ﻭﺑﻪ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺼﻴﻤﺮﻱ، ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔَ ﻭﺃﺣﻤﺪ؛ ﻷ‌ﻥَّ ﺍﻟﺰَّﻛﺎﺓ ﻓﻲ ﺫﻣﺘﻪ ﻓﻼ‌ ﻳﺒﺮﺃ ﺇﻻ‌ ﺑﺈﻗﺒﺎﺿﻬﺎ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻳُﺠﺰﺋﻪ، ﻭﻫﻮ مذهب الحسن البصري وعطاء”. انتهى.

وعليه: فلا يَصِحُّ إسقاطُ الدَّيْنِ عن الـمَدِينِ واعتبارُه زكاةً، بل لا بُدَّ من تمليك الـمُستَحِقِّ مال الزكاة أولًا، ومن ثَمَّ هو يسدِّد الدَّيْنَ إن شاء، وبالإمكان أن تُصرِّح له بوجود مال زكاة لديك ــ والذي هو زكاة مال حُلِيِّ زوجتك ـــ فإذا كان يرغب بتسديد دَيْنِهِ بهذا المال فإن قَبِلَ كان توكيلًا منه لك. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *