انا امرأة ملتزمة بدينها أرغب في العمل بمجال التسجيل الصوتي لإعلانات أو قراءة كتب أو نحوه، فهل يجوز ذلك أم لا؟
فتوى رقم 4192 السؤال: انا امرأة ملتزمة بدينها أرغب في العمل بمجال التسجيل الصوتي لإعلانات أو قراءة كتب أو نحوه، فهل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
فقد نصَّ فقهاء المذاهب الأربعة في كتبهم المعتمدة (حاشية ابن عابدين الحنفي 1/272، ومغني المحتاج للخطيب الشربيني الشافعي 3/129؛ والمبدع لابن مفلح الحنبلي 7/12؛ وحاشية الدسوقي المالكي1/195) على أن صوت المرأة ليس بعورة؛ لقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ). [سورة الأحزاب الآية: 53]، فلم يأت النهي عن الحديث وإنما جاء الأمر بعدم الخضوع بالقول وهو ترخيم الصوت وترقيقه، فالممنوع هو تَرْخِيمُ الصوتِ، وَتَنْغِيمُه وتَلْيِينُه؛ لما فيه من إثارة الفتنة، قال الله تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا). [سورة الأحزاب الآية: 32].
وليس في السُّنَّة ما يدلُّ على أنه عورة، فقد كان النساء يسألن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أمور الشرع في حضرة الصحابة ولم يُنكر عليهن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك، كما روى الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((يا معشر النساء تَصَدَّقْنَ وأَكْثِرْنَ الاستغفار؛ فإنِّي رأيتكنَّ أكثرَ أهل النار، فقالت امرأة جَزْلَةٌ منهنَّ – ذات كلامٍ جَزْل، أي: هي ذات عقل، ورأي، وحُسن إفصاح -: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ فقال: تُكْثِرْنَ اللَّعن، وتَكْفُرْنَ العشير)) وغير ذلك من الأحاديث المشهورة، وقد كُنَّ أيضًا يكلِّمن الصحابة في رعاية حوائجهن ويستفتينهم في الدِّين،
والآثار مستفيضة في ذلك، وكان الصحابة يسلِّمون على المرأة العجوز وتَرُدُّ عليهم كما في حديث سهلِ بن سعدٍ رضي الله عنهما: ((كانت لنا عجوز ترسل إلى بُضاعة – نخل بالمدينة – فتأخذ من أصول السِّلْق، فتطرحه في قِدْر، وتُكَرْكِرُ – أي تطحن – حبات من شعير، فإذا صلَّينا الجمعة، انصرفنا ونسلِّم عليها، فتقدِّمه إلينا)). رواه البخاريُّ في صحيحه. وثبت في صحيح مسلم من حديث أنس – رضي الله عنه – قال: ((قال أبو بكر لعمرَ رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله ﷺ: انطلق بنا إلى أُمِّ أيمنَ رضي الله عنها نزورها كما كان رسول الله ﷺ يزورها)).
وعليه: فلا يَحْرُمُ على المرأة تسجيلُ إعلانات تجارية مباحةٍ في ذاتها بصوتها، بشرط خلوِّ هذا التسجيل عن الخضوع بالقول؛ من ترقُّق وتمطُّط وتغنُّج وتكسُّر، وإلا بأنْ كان فيه تغنُّج وتمطُّط وتكسُّر وترخيم وترقُّق وتنغيم، أو كان إعلاناً لمحرَّم حَرُمَ حينئذٍ. والله تعالى أعلم.