حكم أخذ الإعاشات من مرشّحي الانتخابات مقابل التصويت لهم

الفتوى رقم 3837 السؤال: السلام عليكم، هل يجوز أخذ إعاشات من مرشّحين للانتخابات مقابل التصويت لهم؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

للأسف، فإنّ هذا شائع ومنتشر، وهو من الكذب، والخداع، والغِشّ، وأكل أموال الناس بالباطل، والرشوة. قال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتميُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه “الزواجر عن اقتراف الكبائر” (1/198و199): “الكبيرة الثانية بعد المائتين، المكر والخديعة، قال تعالى: (وَلَاْ يَحِيْقُ الْمَكْرُ الْسَّيِّئْ إِلَّاْ بِأَهْلِهِ) [سورة فاطر الآية: 43].

وأخرج الطبرانيُّ في الكبير والصغير بإسناد جيد، وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “مَن غشَّنا فليس منا، والمكر والخداع في النار” ورواه أبو داود عن الحسن مُرْسَلاً مختصراً، قال: “المكر والخديعة والخيانة في النار“. وفي حديث: “لا يدخل الجنة خِبٌّ” أي مكَّار، “ولا بخيل ولا منَّان“، وفي آخره: “المؤمن غِرٌّ كريم، والفاسق خِبٌّ لئيم”.

وقال تعالى عن المنافقين: (يُخِاْدِعُوْنَ اللهَ وَهُوَ خَاْدِعُهُمْ) [سورة النساء الآية: 142]، أي مُجازيهم بما يُشبه الخداع على خداعهم له، وذلك أنهم يُعطَون نوراً كما يُعطَى المؤمنون، فإذا مَضَوْا على الصراط أُطفئ نورهم وبقوا في الظلمة، وفي حديث: “أهل النار خمسة، وذكر منهم رجلًا لا يصبح ولا يمسي إلا وهو مخادعك عن أهلك ومالك“. انتهى.

وأيضاً يدخل في هذا الفعل، أكلُ أموال الناس بالباطل، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) [سورة النساء الآية:29]. قال ابن جرير الطبريُّ -رحمه الله تعالى- في تفسيره: “الباطل الذي نهى الله عن أكل الأموال به، هو ما وصفنا مما حرمه على عباده في تنزيله، أو على لسان رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم”. انتهى.

وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده مرفوعاً أنه: “لا يَحِلُّ مالُ امرئ إلا بطِيب نفسٍ منه الحديث”. أيضاً، فإنَّ أَخْذ المال -ومثله ما يسمَّى المساعدات الغذائية- على الصوت الانتخابي (مقابل انتخاب فلان) يُعدُّ من الرِّشوة التي نهى عنها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقد ثبت بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: “لعن رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الراشي والمرتشي“. رواه الترمذيُّ وأبو داود.

وليعلم السائل أن انتخابه لأي إنسان هو اعتراف واختيار منه لمن يولِّيه شؤون البلد على المستوى السياسي وتشريع القوانين وغيرها مما هو عمل النواب في المجلس النيابي، وهذه مسؤولية تُسأل عنها يوم القيامة، فإن كانت خيراً فخير له، وإن كانت شراً فلا يلومنّ إلا نفسه.

وعليه: فلا يَحِلُّ أخذ المال مقابل الانتخاب أو أن يَعِدُ الـمُعطي بانتخابه ثم لا ينتخبه. نسأل الله السلامة. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *