وقَّعْنا وثيقة الشراكة وتفاهمنا في كلِّ شيء، لكنْ أنا لم أتصل بصاحب المال مباشرة وإنما بمستشاره، فهل أُكمل معه المشروع أم أنسحب منه؟
الفتوى رقم 3326 السؤال: السلام عليكم، أنا بصدد إنشاء مشروع تجاري، بالتشارك مع شخص خارج البلاد، لإقامة مشروع تجاري هنا بالجزائر، أنا أشارك بالعمل والإدارة وهو بالمال، ووقَّعْنا وثيقة الشراكة وتفاهمنا في كلِّ شيء، لكنْ أنا لم أتصل بصاحب المال مباشرة وإنما بمستشاره وأنا على تواصل معه، لكنْ داخَلني الشكّ عندما طلبت منه أن يجمعني مع صاحب المال ولم يستجب بحكم أنه مشغولٌ دائماً، وأنا ظننت أنه توفِّي لكن أكد لي مستشار له أنه حي، لكن أنا لم أره مباشرة، فهل أُكمل معه المشروع أم أنسحب منه؟ وهل يكون حرامًا إذا كان صاحب المال متوفَّى؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
أخي السائل، معلوم أنَّ مَنْ أراد أنْ يشارك آخر بتجارة ما، عليه أنْ يكون على بيِّنة وثقة به، فإنه سيقدِّم جُهْدَه ووقته وعمله، فإن لم يَكُن على ثقة به، فكيف يبذل جهده ووقته وعمله لمصلحة ذلك الرجل الشريك، والله عز وجلَّ يقول في كتابه الكريم: (…وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ..) [سورة ص الآية: 24].
أيضاً الأصل في الوكالة أن تكون موثَّقة بطريقة رسمية. ولا شكَّ إِنْ كان هذا الوكِيل يتصرَّف بدون علم موكِّلِه أو أنَّ موكِّلَه قد فارق الحياة، فهذا لا يَحِلُّ؛ لأنه خداع وتزوير وهو من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور) [سورة الحج الآية: 30]. وحديث مسلم في صحيحه أنَّ رسول الله ﷺ قال: “ألا أُنَبِّئُكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدَيْن، وشهادة الزور أو قول الزور، وكان رسول الله ﷺ مُتَّكِئًا، فجلَس، فما زال يُكرِّرها؛ حتى قلنا: ليتَه سَكَتَ”. قول الصحابيِّ رضي الله عنه: “فما زال يُكرِّرها؛ حتى قلنا: ليتَه سكَت”. أي: شفقةً عليه، وكراهيةً لِما يُزعجه ﷺ.
أمَّا الوَكالة حالة الوفاة، فلا قيمة لها من الناحية الشرعية، وكلّ ما بُني عليها باطل؛ لأن المال يصير للورثة، وهو غير موكَّل من قِبَلِهم، فتصرُّفه غير صحيح. وعليه: لا بدَّ لك من أن تتوثَّق من كلِّ المعطيات حتى تكون على بيِّنة مما تقوم به.
والله تعالى أعلم.