اكتشفت خيانته لها، هل تأثم عندما تشتمه وتهينه عندما تفقد صوابها من تصرُّفاته؟

الفتوى رقم 2096 السؤال: السلام عليكم، امرأة متزوجة تعيش مع أسرتها في بلد أجنبي.. منذ سنوات وهي تتحمّل إهانات زوجها دون أن تردَّ عليه بالمثل.. وتصبر على تحكُّمه بكل تفاصيل حياتها، وتصبر كذلك على ظلم أهله.. لأجل أولادها.. منذ شهور اكتشفت خيانته لها بتواصله مع امرأة على واتس آب.. وهي امرأة ملتزمة مطلَّقة في بلد أجنبي آخر.. عندها قالت له: أسامحك إن قطعت العلاقة معها.. ووعدها بأن يفعل وأقسم الأَيْمان.. وفي كل مرة تكتشف بأنه يكذب عليها ويواصل التواصل.. وبدل أن يخجل عندما تواجهه يثور ويغضب ويشتمها.. وقد علمت من يتواصل معها بمعرفة زوجته بعلاقتهما.. وبدل أن تتوقف أرسلت لها رسالة تهينها بها.. والغريب أنه هدَّد زوجته بالطلاق إنْ ردّت عليها الإهانة. هذه المرأة لم تعد تتحمل وصارت تشتمه بألفاظ مثل: غبي.. وبلا فهم، وغير ذلك.. عندما تفقد صوابها من تصرُّفاته.. وهي تسأل: هل تأثم عندما تشتمه وتهينه؟ وهي لا تفعل إلا عندما تصل إلى حالة تشبه الانهيار العصبي.. وقد قلب حياتها وحياة الأولاد إلى جحيم.. ومشكلتها بأنها لا تستطيع طلب الطلاق مع أنها لا تريد لزواجها أن يستمرّ بسبب وجودها في بلد أجنبي وهي لا تعرف اللغة، ولا تعرف كيف تتدبر أمورها.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

قبل الإجابة عن حكم شتمها لزوجها، نسأل هذه الزوجة هل زوجها كان كذلك عندما تزوجها أم أنه تغير مع مرور الوقت، وهل تَدَخُّل أهله برضى زوجها أم بغير رضاه. وننصح الأخت بأن تبحث عن الأسباب التي جعلت الزوج يتغير، ولتبحث كذلك عن الأسباب التي دفعت الزوج للتواصل مع امرأة أخرى كما تقول، وننصحها بمعالجة تلك الأسباب.

ولتعلم أن السبَّ والشتم والإهانة لن يُجدي نفعاً ولن يزيد الأمور إلا تعقيداً. لذلك عليها أن تبحث عن الحلول، ولتعلم أن الرفق هو من الأسباب المساعدة لحلِّ المشاكل الزوجية، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أَنَسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، أن النَّبِيَّ ﷺ قال: “مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ”. وعن عائشةَ رضي الله عنها أَن النبيَّ ﷺ قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ”. رواه مسلم في صحيحه.

بناء عليه: فلا يجوز شتم زوجها ولا إهانته، والإساءة لا تقابَل بالإساءة، بل عليها أن تحافظ على الخُلق الحَسَن، فعن حذيفةَ بن اليمانِ رضي الله عنه أن النبيَّ ﷺ قال: “لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا”. رواه الترمذيُّ في سُننه. وينبغي أن تسعى جاهدةً لنُصْحِ زوجها بالحكمة وعلى انفراد وليس أمام الأولاد. ولا تنسى الدعاء له بأن يُصلحه الله تعالى، فبصلاحه صلاح أحوال الأسرة.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *