يريد الذهاب إلى كندا بهدف تحصيل الجنسية، فما حكم ذلك؟
الفتوى رقم: 1191 السؤال: لدي صديق يريد الذهاب إلى كندا بهدف تحصيل الجنسية، فما حكم ذلك؟ علمًا أن صديقي فلسطيني، ولديه عمل جيد إلى حد كبير هنا في لبنان؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
هذه المسألة من النوازل المستجدَّة لم يتكلم فيها الفقهاء قديمًا، وقد تكلم فيها كثير من العلماء المعاصرين، وكذلك المجامع الفقهية. وملخَّص الكلام فيما قالوه في هذه المسألة ما يلي:
أولًا: إن كان أَخْذُ الجنسية من بلاد غير مسلمة -أوروبية مثلًا- رغبة في تحصيل مصالحَ دنيويةٍ ليست ضرورية، بل غايتها أن تكون من التحسينيات، فهذا -والله تعالى أعلم- يكون فاعله على خطرٍ عظيم، ويكون ممن استحبَّ الحياة الدنيا على الآخرة، ويشمله قول الله تعالى: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [سورة التوبة آية: 24]. وينطبق عليه حديث رسول الله ﷺ الذي رواه أبو داودَ والترمذيُّ في سننَيْهما بسند صحيح عن جرير بن عبد الله البَجَلِيِّ رضي الله عنه، أن النبيَّ ﷺ قال: “أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهرانَي المشركين.” والخطورة تكمن في أن من تجنَّس بجنسية تلك البلاد فإنه يترتب عليه واجبات يَلْزَمه الإقرار بها، وهي -غالبًا- مخالفة للشرع، خاصة فيما يتعلق بالأسرة وتربية الأولاد.. وغيرها. وكذلك له حقوق.
ثانياً: من اضطر إلى التجنُّس بسبب اضطهاده في بلده الأصلي، أو التضييق عليه في نفسه أو عرضه أو قُوْتِه، أو كان لا يحمل جنسية أصلًا ومُنع من الإقامة إلا بالتجنُّس؛ فهذا إن لم يمكنه دفع ضرورته الواقعة المـعتبَرة إلا بالتجنَّس بتلك الجنسية؛ فله التجنس من باب: “الضرورات تبيح المحظورات” وهذه الضرورة تقدَّر بقَدْرها بعد تحقُّقِ كونها ضرورة مُلجِئة، وتَعَيُّن التجنُّس مُزيلًا لها -أي للضرورة- ويشترط للجواز أن لا تذوب شخصيته في شخصية الكفار، وأن يأمن على نفسه وأهله وأولاده الفتنة، وأن يستشعر انتماءه للإسلام وأهله، وأن ينوي الرجوع إلى بلاد المسلمين متى زال عذره.
والله تعالى أعلم.