ما حكم المشاركة في الانتخابات البلدية والاختيارية، وما حكم أخذ مبلغ مقابل التصويت لشخص معين؟

فتوى رقم 4931 السؤال: السلام عليكم، ما حكم المشاركة في الانتخابات البلدية والاختيارية (المختارية لمحلَّةٍ ما)، وما حكم أخذ مبلغ مقابل التصويت لشخص معين؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بدايةً، فإن انتخابك لأيّ مرشح ودعمك له، هو اعتراف صريح، واختيار منك لمن تولِّيه شؤون البلد على المستويات كافة (السياسية، والانمائية، والخدماتية، وغير ذلك)، مما هو من مهامهم، ومن ذلك الانتخابات لمجلس بلدي، أو اختياري (المختارية لمحلَّةٍ ما) التي ستحصل في غضون أيام، فيُعَدُّ ذلك بمثابة اعتراف صريح منك بأهلية المرشَّح الذي تقرِّر انتخابه، فأنت مُلزَم من الناحية الشرعية أن تختارَ المتصف بالأهلية والكفاءة والمصلحة التي لا تتعارض مع ديننا، فالمطلوب أن تنظرَ إلى حال المرشَّح ومشروعه (هل هو يدعو إلى خير، أم إلى شرٍّ؟)، وهل هو ممن يؤتمن على خدمة الناس، وتيسير شؤونهم، في مجلسه البلدي، أو في كونه مختاراً في محلَّته؟ فالتصويت لهؤلاء جميعاً إنما هو إعانة لههم على تحقيق أهداف مشروعهم، فإن كان الهدف أو المشروع خيراً، فانتخابهم إنما هو إعانة لهم على الخير فلا مانع منه، بل لك الأجر والثواب في ذلك، أما إن كان الهدف أو المشروع شرًّا كالعلمانية، أو الشذوذ الأخلاقي، أو نفعيًّا قائماً على الفساد والسرقات ودعم الفاسدين والمجرمين، فهو إعانة لهم على الشرِّ والإثم والفساد، ولا شكَّ في حرمته، ويُعَدُّ ذلك كبيرة من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [سورة المائدة الآية: 2].وقال الله تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) [سورة هود الآية: 113]. وأخرج الحاكم في مُستدرَكه، وقال: صحيح الإسناد، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَنْ أَعَانَ ظَالِماً لِيُدْحِضَ بِبَاطِلِهِ حَقّاً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الله وَذِمَّةُ رَسُولِهِ». وروى أبو داودَ في سننه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إذا عُمِلَتْ الخطيئةُ في الأرض، فمَن شهدها فكرهها كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فَرَضِيَها كان كمن شهدها». وروى مسلمٌ في صحيحه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إنه يُستعمل عليكم أمراءُ فتَعرِفون وتُنكِرون، فمَن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سَلِم، ولكنْ مَن رضي وتابَع»؛ فانتخاب أيِّ مرشَّحٍ مسؤوليةٌ كبيرة وخطيرة، على المستويات كافةً؛ سواء منها: السياسي، أو البلدي، أو الاختياري؛ فإنه يجتمع في هؤلاء جميعاً صفة التمثيل لمن انتخبهم، وإنْ تفاوتت مسؤولياتهم؛ لذا فإن الـمُنتخِب سيُسأل عن اختياره يوم القيامة، قال الله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) [سورة الصافَّات الآية:24]. فمَن اخترتَه ليمثِّلَك فهو في صحيفتك يوم القيامة؛ فإنْ عمل خيرًا فخير لك، وإنْ عمل شرًّا فلا تلومنَّ إلا نفسَك.

وأما مسألة أخذ المال من المرشَّح مقابل انتخابه فلا يَحِلُّ، وهو من الكذب، والخداع، والغشّ، وأكل أموال الناس بالباطل، وهو من الرشوة، لكنَّ أخذ المال من المرشَّح من دون أن يكون ذلك مقابل انتخابه -يعني لم يكن المال هو المحفِّز على الانتخاب- وإنما جاء عَرَضاً، فإن كان مع توفر مواصفات الأمانة والكفاءة والصلاح والقوة التي تؤهِّل المرشَّح لهذا المنصب، فلا حرجَ فيه.

 وعليه: فالواجب انتخاب مَن يحقِّق المصلحة الشرعية لأهل تلك المحلَّة أو البلدة أو المدينة، ويدفع عنهم الضرر، ومَن يكون عمله قائماً على الإنماء والتطوير وتحقيق المصالح للناس، وذلك ضمن صلاحية الأعمال المطالب بها، شرط أن يتصف الـمُنتخب بمعيار النزاهة والأمانة والكفاءة. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *