ما حكم سفر المرأة من دون محرم؟

فتوى رقم 4911 السؤال: السلام عليكم، ما حكم سفر المرأة من دون محرم إلى البلد الذي فيه زوجها؟ وما حكم ذهاب المرأة مع أولادها الصغار إلى العمل وتوصيل الأولاد إلى المدرسة مع سائق خاصٍّ لكنه ليس مَحرماً؟ علماً أنَّ مدة الطريق من المنزل إلى مكان المدرسة والعمل نصف ساعة تقريباً (من شكا إلى طرابلس).

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة لسفر المرأة بدون مَحرم بالطائرة. فالأصل أن سفر المرأة بدون مَحْرَمٍ أو زوج غير جائز، وهذا ما اتفق عليه فقهاء المذاهب الأربعة، إلا ما استثناه بعض العلماء في حالات خاصة؛ لحديث البخاريِّ في صحيحه، أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “لا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ، فَقَالَ: اخْرُجْ مَعَهَا”. وحديثِ مسلمٍ في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: “لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَم”. قال الإمام النوويُّ -رحمه الله- في شرحه للحديث: “فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم”. انتهى. وقد نقل الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ -رحمه الله- في كتابه “فتح الباري”(4/76) اتفاقَ الفقهاء على منع سفر المرأة بلا محرم، إلا في مسائلَ مستثناة، فقال: “قال البغويُّ: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض (الحجِّ الواجب) إلا مع زوج أو محرم، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلَّصت. وزاد غيره: أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبَها حتى يبلِّغَها الرِّفقة”. انتهى. وذهب العلَّامة عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله- كما في كتاب “فتاوى ورسائل” (1/201)، إلى أنه لا مانعَ من سفر المرأة بدون محرم إذا توافرت الشروط الآتية:
1-أن يكون السفر لضرورة، أو لحاجة مُلِحَّة.
2-عدم توفُّر محرم للسفر معها، أو هو موجود ولكن لا تملك نفقات سفره معها.
3-أن يكون السفر بالطائرة.
4-أن يوصلها المحرم إلى قاعة المغادرين في المطار.
5-أن يكون في انتظارها في البلد الذي سافرت إليه محرم، أو نسوة ثقات.
6-أن تأْمَنَ المرأة على نفسها مدة السفر كلِّه.

وعليه: فإن انطبقت الشروط المذكورة فلا مانعَ من سفر المرأة بالطائرة لوحدها.
وأما بالنسبة لمسألة ركوب المرأة ومعها أولادها في السيارة مع سائق أجنبي، لمسافة دون مسافة السفر. بداية بما أن الأولاد مع تلك المرأة فلا يحصل بذلك خلوة . فقد نصَّ الفقهاء -في كتبهم المعتمدة- على أن للخلوة ضابطًا وهو: أنّ كل اجتماع لا تؤمَن معه الرِّيبة عادة يُعدُّ خلوة محرَّمة، وهي ما كانت مع أجنبية، والأجنبية هي: مَنْ ليست زوجة ولا مَحْرَماً. والـمَحْرَم: مَنْ يَحْرم نكاحُها على التأبيد؛ إما بالقرابة أو الرضاعة أو المصاهرة، والأصل في ذلك حديثُ البخاريِّ في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إلا مع ذي مَحْرَم”. وحديث جابر رضي الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: “مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يَخْلُوَنَّ بامرأة ليس لها محرَم، فإنّ ثالثهما الشيطان”. رواه الإمام أحمدُ في مسنده.

وعليه: فالسيارة إن كانت في مدينة ويَرى الناسُ مَن في داخلها وتسلك طرقاً يكثر فيها تردُّد الناسِ فلا تُعتبر خلوة، بخلاف ما كان بين مدينة وأخرى أو في طرق خالية من المارَّة -كالطرق الجبلية أو الفاصلة بين المدن والقرى- فتعتبر خلوة محرَّمة إذا كانت المرأة لوحدها مع السائق. ولذلك المطلوب في هذه الحالة ركوب الحافلة أو الباصات العامة. وأما مع وجود الاولاد فلا خلوة في الركوب طالما أُمنت الفتنة. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *