هل الأضحية واجبة على كلِّ مقتدر؟ وماهي صفات التماثيل التي لا يجوز وضعها في البيت؟
فتوى رقم 4872 السؤال: السلام عليكم، لدي سؤالان: الأول: هل الأضحية واجبة على كلِّ مقتدر؟ أو هي سنَّة مؤكَّدة، والذي لديه القدرة عليه أن يضحِّي؟ الثاني: ماهي صفات التماثيل التي لا يجوز وضعها في البيت؟ وهل الصور يجوز وضعها في المنزل؟ وشكراً جزيلاً.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول: فالأضحية مستحبة عند أكثر أهل العلم، ونصَّ الحنفية على وجوبها، والأَوْلىَ للمستطيع أن يضحِّي. وأما بالنسبة للسؤال الثاني: أولاً: بما يتعلق بالتماثيل أو الصور المجسَّمة لذي روح كالإنسان والحيوانات، فيحرم صناعتها واقتناؤها وعرضها وبيعها، بخلاف التماثيل أو الصور المجسَّمة للأشجار والجبال والبحار ونحو ذلك فلا يحرم. وقد نصَّ العلماء في كتبهم على أن فقهاء المسلمين أجمعوا على حرمة رسم ذوات الأرواح إذا كان مجسَّمًا -كالأصنام-، وممن نقل هذا الإجماعَ الإمامُ النوويُّ -رحمه الله تعالى- في: “شرح صحيح مسلم” قال: “وأجمعوا على منع ما كان له ظِلٌّ ووجوبِ تغييره”. انتهى. وما لا ظلَّ له كالذي يُرسم على الورق ونحوه. ويسمى صورةً؛ سواء كان مجسَّماً -كالأصنام- أو غيره مما يُرسم على الورق والجدران مثلاً. وقد ورد أحاديثُ كثيرةٌ في حرمة تلك الصور؛ منها: حديث مسلم في صحيحه عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «الذين يصنعون هذه الصُّوَرَ يُعذَّبون يوم القيامة، يُقال لهم: أَحْيُوا ما خلقتم»، ومنها: حديث مسلم في صحيحه عن سعيد بن أبي الحسن -رحمه الله تعالى- قال: “جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فقال: إني رجل أصوِّر هذه الصُّورَ، فأَفْتِني فيها، فقال له: اُدن مني، فدنا منه، ثم قال: ادن مني، فدنا منه حتى وضع يده على رأسه، قال: أنبئك بما سمعت من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «كلُّ مصوِّر في النار، يُجعل له بكلِّ صورة صوَّرها نفساً، فتعذِّبه في جهنَّم». وفي رواية البخاريِّ أنه قال له: «ويحك، إنْ أَبَيْتَ إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، كلِّ شيء ليس فيه روح». وهذا يدلُّ على جواز رسم كلِّ ما لا روحَ فيه كالشجر، والحجر، والأنهار… وغيرها من كلِّ ما لا روح له. وقد صحَّ أن الملائكة تنفر وتمتنع عن دخول البيت الذي فيه صورة، ففي صحيح مسلم أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة». قال النوويُّ -رحمه الله تعالى- في شرح مسلم: “سبب امتناعهم من بيت فيه صورة، كونُها معصيةً فاحشة، وفيها مضاهاةٌ لخلق الله تعالى”. انتهى.
والحكمة من تحريم التصوير لذوات الأرواح لما فيه من مضاهاة وتشبيه بخلق الله تعالى، ولكون اتخاذ صور ذوات الأرواح وسيلة إلى الشرك. روى مسلم في صحيحه عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلمَّ: «إن من أشدِّ الناس عذابًا يوم القيامة الذين يشبِّهون بخلق الله» وفي رواية: «الذين يُضاهون بخلق الله». والمعنى أن الصور غير كاملة الملامح -خاصة الرأس- فلا أنف فيها ولا عيون ليست داخلة في الصور المحرَّمة، ولا أصحابها داخلين في الوعيد؛ لأنه لا يَصْدُقُ عليها أنها صورة فيها مضاهاة لخلق الله، ويدل لهذا المعنى ما جاء عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك البارحةَ فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قِرامُ سِتْرٍ (أي: ستر رقيق من صوفٍ فيه نُقوش) فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُرْ برأس التمثال الذي في البيت فليُقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فليُقطع فليُجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن، وُمْر بالكلب فليُخْرَج». رواه أبو داودَ، والترمذيُّ وقال: حسن صحيح.
وعليه: فالصور المجسَّمة الواضحة المعالم للوجه حرامٌ صُنْعُها وبيعها وشراؤها، بخلاف مطموسة الوجه التي لا معالـمَ في وجهها فلا بأس. والله تعالى أعلم.