ابنتي أُصيبت بالسرطان فأريد تعلُّم دعاء، وصهري لا يعرف قراءة القرآن، فكيف نعلِّمه. وما الدعاء الذي ذا قلته يستغفر لك الرسولُ؟
فتوى رقم 4845 السؤال: ابنتي أُصيبت بالسرطان فأريد تعلُّم دعاء، وصهري أمريكي لا يعرف العربية ولا يعرف قراءة القرآن، فكيف يمكن أن نعلِّمه. ما الدعاء الذي إذا قلته يستغفر لك الرسولُ الاكرم محمد صلَّى الله عليه وسلَّم؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول: فإن التداوي مطلوب شرعاً، وهو من الأسباب التي أمرنا الشرع بالأخذ بها، روي عن أسامةَ بن شَرِيكٍ رضي الله عنه، قال: “جاء أعرابي فقال: يا رسول الله أنَتداوى؟ قال: نَعم، فإنَّ الله لم يُنزل داءً إلَّا أنزل له شفاءً؛ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وجهِلَهُ مَنْ جَهِلَه“. رواه أحمدُ في “مسنده” والبخاريُّ في “الأدب المفرد”، وصحَّحه ابن خزيمةَ والحاكم، وفي رواية لأبي داودَ وابن ماجه، والترمذيِّ وصحَّحه: “قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، إِلا دَاءً وَاحِدًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الْهَـــرَمُ”. ولأبي داودَ في سننه: «إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكلِّ داء دواءً، فتداوُوا ولا تتداوَوا بحرام». وأيضاً من الأسباب استخدام الأوراد الثابتة عن سيدنا محمَّد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. روى البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يرقي بالمعوذتين، فعن أمِّنا عائشةَ رضي الله عنها: “أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين، وينفث، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها.” وروى مسلمٌ في صحيحه أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يرقي بعض أصحابه فيقول: «بسم الله أرقيك، من كلِّ شيء يؤذيك، من شرِّ كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك». وعن السيدة عائشةَ رضي الله عنها قالت: “كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: اللهم ربَّ الناس أَذهِبِ الباسَ، اشفِه وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً“.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني: بخصوص صهرك المقيم في أمريكا، فننصحك بالذهاب إلى أقرب مركز إسلامي ليتم تعليمه أمور دينه.
وأما بالنسبة للسؤال الأخير: بداية لا نعلم أنه يوجد دعاء خاص مَن قاله يستغفر الرسول صلَّى الله عليه و سلَّم له، ولكنْ من زار قبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم واستغفر الله تعالى، وسأل الرسول صلَّى الله عليه و سلَّم الاستغفار، ففي القرآن الكريم آية تشير إلى استغفار الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم للمؤمنين، قال الله تعالى: (ومَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) [سورة النساء الآية: 64]. يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسيره: “يرشد الله تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان، أن يأتوا إلى الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم فيستغفروا الله عنده، ويسألوه أن يستغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم، ولهذا قال: (لوجدوا الله تواباً رحيماً) وقد ذكر جماعة منهم: الشيخ أبو نصر الصبَّاغ في كتابه “الشامل” الحكايةَ المشهورة عن العُتْبِـيِّ، قال: كنت جالساً عند قبر النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثم أنشأ يقول :
فطـــــــاب مــــــــن طِيبِهِنَّ القـــاعُ والأَكَمُ
يا خيـــــــــرَ مَن دُفنت بالقاع أَعْظُمُهُ
فيه الــــعفـــــافُ وفيه الجودُ والكرمُ
نفسي الفــــــــــداءُ لقبرٍ أنت ساكنُه
ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني ، فرأيت النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في النَّوم فقال: يا عُتبي ، الحق الأعرابيَّ فبشره أن الله قد غفر له “. انتهى. وأيضاً روى البخاريُّ في صحيحه وغيره: عن شدادِ بن أوسٍ -رضي الله عنه- عن النبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم قال: “سيِّد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: ومَن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يُمسي فهو من أهل الجنة، ومَن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة”. وأيضاً عليكِ بكثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما روى الترمذيُّ في سننه عن أُبيِّ بن كعبٍ -رضي الله عنه- قال: “كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال أُبيٌّ: قلت، يا رسول الله إني أُكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي، فقال: ما شئت، قال: قلت الربع، قال: ما شئت، فإن زدتَ فهو خير لك، قلت: النصف، قال: ما شئت فإن زدتَ فهو خير لك، قال: قلت فالثلثين، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت أجعل لك صلاتي كلَّها، قال إذاً تُكفى همَّك ويُغفر ذنبُك”. أي أصرف بصلاتي عليك جميع الزمن الذي كنت أدعو فيه لنفسي، (قال إذاً تُكفى همَّك)، والهمُّ ما يقصده الإنسان من أمر الدنيا والآخرة، يعني إذا صرفت جميع أزمان دعائك في الصلاة عليَّ أُعطيت مرامَ الدنيا والآخرة. والله تعالى أعلم.