هل يجوز دفع الزكاة لامرأة تملك نصاباً من الذهب؛ ولكن عليها دين؟

فتوى رقم 4778 السؤال: امرأة مسلمة فقيرة تملك نصاباً من الذهب، وقد اقترضت مبلغاً من المال، ووضعت ذهبها كضمانة للسداد عند القدرة، فهل يجوز إعطاؤها من مال الزكاة لتسدِّد قرضها، وتأخذ ذهبها أم لا؟ مع العلم أنها يمكنها أن تسدِّد القرض من ذهبها ويبقى معها منه شيء.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

مَن كان يملك نصاباً من الذهب وليس حُلِيًّا لا يَحِلُّ له الأخذ -ولا إعطاؤه- من مال الزكاة؛ لأنه يُعَدُّ مالكاً لمالٍ زائدٍ عن حاجته، ولا يُعتبر فقيراً، لكنْ مَن يملك نصاباً سيدفعه لحاجاته المستحَقَّة أو المطالَب منه – كديون- وفوق ذلك هو يحتاج إلى مال ليسدَّ ما تبقَّى من حاجاته، فهذا لا يُعَدُّ مالكاً للنصاب، فيَحِلُّ له الأخذ –وكذا إعطاؤه- من الزكاة، ويدخل تحت مسمَّى المسكين الوارد في قول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [سورة التوبة الآية: 60]. وهذا ما نصَّ عليه فقهاء الشافعية في كتبهم المعتمدة. هذا كلُّه إذا كان نصاب الذهب ليس حُلِيًّا لتلك المرأة التي وُصفت بأنها فقيرة.

وننبِّه إلى مسألة هامة -وربما كانت المقصود من السؤال-: أنه إذا كان الذهب المذكور في السؤال، هو الحُلِيُّ الخاص بهذه المرأة التي وصفت بأنها فقيرة، ففي هذه الحالة يَحِلُّ أخذها -وإعطاؤها- من مال الزكاة لسداد دَيْنها، فقد نصَّ فقهاء الشافعية في كتبهم المعتمدة في الفتوى على ذلك. قال الفقيه شمس الدين الرمليُّ الشافعيُّ -رحمه الله- في كتابه “نهاية المحتاج” (6/150): “إن حُلِيَّ المرأة اللائق بها، المحتاجة للتزيُّن به عادة لا يمنع فَقْرَها”. انتهى. وكذلك نصَّ على ذلك الفقيه المليباري -رحمه الله- في فتح المعين (2/213) يعني: أن ملكيَّتها لحُلٍيِّ الذهب لا يمنع اسمَ الفقر عنها.

وعليه: فما ذكر في السؤال مِنْ أنَّ تلك المرأة تملك نصاباً من الذهب -هو مع المقرض-، ويمكن لها أن تسدِّد من هذا النِّصاب دَيْنَها، ويبقى جزءٌ من ذلك النِّصاب معها زائداً عن حاجاتها. يحتمل ثلاثة احتمالات:

الأول: إن كان ذهباً غير حُلِيٍّ وقد بلغ نِصاباً، ويبقى منه شيء إن سدَّدت القرض، فلا يَحِلُّ والحالة هذه، أنْ تأخذ –أو أن نعطيها- من مال الزكاة، لأنها غير داخلة في أصناف المستحقين للزكاة الواردة في -القرآن الكريم- كما في الآية الستين من سورة التوبة.

الثاني: بأنْ كان النِّصاب من الذهب غير الحُلِيِّ ستدفعه لحاجاتها المستحَقَّة أو الـمُطالَب منها -كديون- وفوق ذلك هي تحتاج إلى مال لتسدَّ ما تبقَّى من حاجاتها، جاز لها أن تأخذ من مال الزكاة وجاز إعطاؤها.

الثالث: بأن يكون هذا النِّصاب من الذهب هو حُلِيِّ تلك المرأة ، فهذا لا يمنع اسمَ الغارم ولا وصف الفقر عن تلك المرأة فيجوز إعطاؤها وأخذها من مال الزكاة لتقضيَ -تَسُدَّ- به دَيْنها. والله تعالى أعلم. 

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *