حكم طلب الدين بعد الإبراء منه.
فتوى رقم 4776 السؤال: كنت قد استدنت من زوج ابنتي ألف دولار وبعد مدة قال لي: سامحتك به لا أريد منك شيء. ثم بعد مدة طالبني بهذا الدَّين، فهل يَحِقُّ له فعل ذلك؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
فقد اتفق فقهاء الشريعة على أنَّ مَن له حقٌّ ماليٌّ عند آخر فأبرأه منه سقط حقُّه في المطالبة به بعد ذلك، للقاعدة الفقهية المتفق عليها وهي: )الساقط لا يعود(. ولما رواه البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «العائد في هِبَتِه كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه». وفي رواية للبخاري: «ليس لنا مَثَل السَّوء، الذي يعود في هبته كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه». قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه “فتح الباري” (5/294 ): “قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ) أي: لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أنْ نتصف بصفةٍ ذميمةٍ، يشابهنا فيها أخسُّ الحيوانات، في أخسِّ أحوالها، قال الله سبحانه وتعالى: (لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلهِ المَثَلُ الأَعْلَى) [سورة النحل، الآية: 60] ، ولعلَّ هذا أبلغ في الزَّجر عن ذلك وأدلُّ على التحريم، مما لو قال مثلاً: (لا تعودوا في الهبة)” انتهى. وفي “تحفة المحتاج” (6/310) للفقيه ابن حجر الهيتميِّ الشافعيِّ ما نصُّه: “هبة الدَّيْنِ لا رجوع فيه جزماً”. انتهى.
وعليه: فإن تبيَّن أنه أبرأ ذمَّتك من الدَّين فلا يَحِقُّ له المطالبة بهذا الدَّيْن. والله تعالى أعلم.