ما حكم حضور عرس للنصارى خارج الكنيسة؟
فتوى رقم 4748 السؤال: ما حكم حضور عرس للنصارى خارج الكنيسة؟ مع العلم أنه يوجد خمر واختلاط، ولكن على الطاولة التي سأجلس عليها لا يوجد خمر.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بدايةً، فإنَّ أعراس غير المسلمين لا ضوابطَ شرعية فيها، فهي تشتمل على اختلاط الرجال بالنساء، وكشف للعورات، وشربٍ للخمور، ووجود المعازف والمغنِّين والمغنِّيات، والرقص، ونحو ذلك. فالواجب على المسلم والمسلمة إذا دُعِيا إلى حضور تلك الأعراس، أن يمتنعا عن حضورها، فالمسألة ليست فقط أنَّ الخمر لا يُدار على الطاولة التي يجلس عليها، فإن المكان كلَّه تُرتكب فيه المعاصي والمحرَّمات، فلا يَحِلُّ له الجلوس، وكيف يفعل ذلك وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) [سورة النساء الآية: 140]. يقول الإمام الطبريُّ -رحمه الله تعالى- في تفسيره هذه الآية: “وفي هذه الآية، الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع، من المبتدعة والفسَقة، عند خوضهم في باطلهم”. انتهى. وقد حذَّر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من مجالسة أهل السوء كما في الصحيحين، من حديث أبي موسى رضي الله عنه، أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً». قال الإمام النوويُّ -رحمه الله- في شرحه على صحيح مسلم-: “فيه تمثيله صلَّى الله عليه وسلَّم الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير، وفيه فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب، والنهي عن مجالسة أهل الشرِّ وأهل البِدَعِ ومَن يغتاب الناس أو يَكْثُرُ فُجْرُه وبطالته، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة”. انتهى. قال الإمام القرطبيُّ -رحمه الله- في تفسيره: “فكلُّ مَن جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم”. انتهى. وقد اتفق الفقهاء على حرمة حضور الأعراس التي تشتمل على وجود منكرات، ووجودك في مكان تُرتكب فيه المحرَّمات مع عدم الإنكار هو معصية، ولو لم يكن على الطاولة التي تجلسين عليها خمر.
وعليه: فيَحْرُمُ حضور الأعراس التي تُفعل فيها المنكرات،كشرب الخمر والاختلاط بين النساء والرجال وكشف العورات ونحوه. ونشير إلى أنه لا مانعَ من أن يتمَّ التهنئة بالزواج من خلال زيارة هذه الزميلة في بيتها وتقديم هدية لها بهذه المناسبة. والله تعالى أعلم.