أمٌّ كَبُرَ شبابُها الثلاثة وسافروا إلى الخليج لطلب الرزق. هل تستطيع هذه الأمُّ السفر لزيارة أولادها بلا محرم؟ وهل يجوز لها الذهاب في باص مع نساء من بيروت إلى سِير الضنِّية بدون محرم؟

فتوى رقم 4712 السؤال: السلام عليكم، الحالة الأولى: أمٌّ كَبُرَ شبابُها الثلاثة وسافروا إلى الخليج لطلب الرزق. هل تستطيع هذه الأمُّ السفر لزيارة أولادها بلا محرم؟ أوضاعهم المادية عادية، يعني سيثقل كاهل ابنها تأمين تذكرة سفر ثانية لمحرمٍ يُرافق الأمَّ. سمعَتْ الأمُّ فتوى تقول: إنه ما دام هناك مَن سيرافقها ويدخل معها إلى المطار إلى أن تدخل الطائرة، وهناك مَن سيستقبلها في الخليج فور نزولها من الطائرة، ولن تغيّر طائرة خلال السفر، فلا بأس وليس ذلك حراماً. فهل هذا صحيح؟ الحالة الثانية:  الأخت نفسُها (لا مَحْرَمَ عندها) تسأل: هل يجوز لها الذهاب في باص مع نساء من بيروت إلى سِير الضنِّية بدون محرم؟

  الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال فالأصل أن سفر المرأة بدون محرم أو زوج لا يجوز، وهذا ما اتفق عليه فقهاء المذاهب الأربعة، إلا ما استثناه بعض العلماء في حالات خاصة؛ لحديث البخاريِّ في صحيحه، أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ، فَقَالَ: اخْرُجْ مَعَهَا»، ولحديثِ مسلمٍ في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَم». قال الإمام النوويُّ -رحمه الله- في شرحه للحديث: “فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم”. انتهى. وقد نقل الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ -رحمه الله- في كتابه “فتح الباري”(4/76) اتفاقَ الفقهاء على منع سفر المرأة بلا محرم، إلا في مسائلَ مستثناةٍ، فقال: “قال البغويُّ: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض (الحج الواجب) إلا مع زوج أو محرم، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلَّصت. وزاد غيره: أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبَها حتى يبلِّغَها الرِّفقة”. انتهى.

وعليه: فإن الحالة الأولى في السؤال لا مانع فيها بالنسبة للأم أن يوصلها محرمها إلى قاعة المسافرين المغادرين في بيروت، ثم يكون بانتظارها ابنها الموجود في بلاد الغُربة في المطار، وذلك دفعاً للحرج في شراء بطاقة السفر ذهاباً وإياباً في حقِّ محرمها، ولوجود الحاجة المتمثلة في رؤية أولادها، ولأَمْنِ الأمِّ على نفسها في الطائرة. وأما بالنسبة للحالة الثانية في السؤال : فلا يَحِلُّ ذلك، لعدم الحاجة، ولا يترتب على منعها حرج أو ضرر يلحقها، ولأن أهل العلم اتفقوا على عدم جواز سفرها ولو مع نسوةٍ ثقاتٍ إلا ما استثناه فقهاء الشافعية من أنه يجوز -ولا يجب- سفر المرأة لتأدية فريضة الحج والعمرة إذا كانت لوحدها، بشرط أَمْنِ الطريق. والله تعالى أعلم. 

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *