هل يجوز إعطاء الأخ الفقير من مال الزكاة؟وهل يجوز إعطاؤه إياها على دفعات خلال السنة؟

فتوى رقم 4356 السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأخوة الأفاضل يستحق عليَّ سنوياً زكاة ذهب بقيمة ٣٠٠٠$ تقريباً وأنا خصصت مرتباً شهرياً لأخي ٥٠٠ $ شهرياً على سبيل المساعدة على معيشته حصراً، هل يجوز لي أن أعطيَ أخي هذا مبلغ زكاة الذهب المحدَّد ٣٠٠٠ $، باعتبار أنه قيمة زكاة الذهب، وأن أحتسبه من ضمن المرتَّب الشهريِّ المخصَّص لأخي؟ علماً أن أخي لا يعمل عندي وأنا مقيم خارج لبنان، وأن المعاش الشهريَّ الذي خصَّصته له دون أي مقابل. وجزاكم الله عنا كلَّ خير.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

لا مانعَ من إعطاء الزكاة للأخ المسلم المسكين أو الفقير، “والمسكين: هو مَنْ كان له مال لكنه لا يسدُّ كلَّ حاجاته، والفقير: هو مَنْ لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من حاجته. وبعض الفقهاء جعلوا المسكين أشدَّ حاجة من الفقير”. ملخَّصاً من الموسوعة الفقهية (23/313). قال الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)]سورة التوبة الآية:60[.

واعلم أن لك بإعطاء الزكاة لأخيك أجران؛ لحديث سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، عن النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قَالَ: “الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ“. أخرجه الترمذيُّ والنسائيُّ في سننَيْهما.

قال العلَّامة الـمُناوي ـــ رحمه الله ـــ في كتابه “فيض القدير” عند شرح الحديث: “قال (الصدقة على المسكين) الأجنبي (صدقة) فقط (وهي على ذي الرَّحِم اثنتان) أي صدقتان اثنتان (صدقة وصِلة)، فهي عليه أفضل لاجتماع الشيئَيْن، ففيه حثٌّ على الصدقة على الأقارب وتقديمهم على الأباعد، لكن هذا غالبيٌّ وقد يقتضي الحالُ العكس”. انتهى.

وقال الإمام النوويُّ رحمه الله في شرح صحيح مسلم: “(باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد…. ثم ذكر حديث أبي طلحةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه، وفيه: “وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالي إِلَيَّ بَيْرَحَى، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَإِنّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ”. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. قال الإمام النوويُّ -رحمه الله-: “وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما سبق من أنَّ الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين”. انتهى.

وعليه : فلا مانعَ من إعطاء الزكاة للأخ المسلم المسكين كما في السؤال، ولا مانعَ من دفعها له مقسَّطة شهرياً لسدِّ حاجته، بشرط أن يكون ممن لا يُحْسِن التصرُّف بالمال إذا كَثُر بين يديه، لكنْ إِنْ كان يُحْسِن إدارة التصرف بالمال، فإنه يُدْفع إليه المبلغ كاملاً سنوياً. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *