هل يجوز لربِّ العمل أن يعطيَ الموظَّفين أقلَّ من الحدِّ الأدنى للأجور الذي تحدِّده الدولة؟ وهل هذا حقٌّ للموظَّف؟ وهل يأثم صاحب العمل إذا كان يعطي الموظفين أقلَّ مما يستحقُّونه، أو أقلَّ من نُظرائهم في وظائفَ مشابهة؟

فتوى رقم 4305 السؤال: السلام عليكم، هل يجوز لربِّ العمل أن يعطيَ الموظَّفين أقلَّ من الحدِّ الأدنى للأجور الذي تحدِّده الدولة؟ وهل هذا حقٌّ للموظَّف ؟ وهل يأثم صاحب العمل إذا كان يعطي الموظفين أقلَّ مما يستحقُّونه، أو أقلَّ من نُظرائهم في وظائفَ مشابهة ؟ مع الشكر لكم.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق :

معلوم أن عقد الإجارة هو عقد رضائي من قبل المتعاقِدَيْن اللذين تتوافر فيهما صفات الأهلية الشرعية من العقل والبلوغ والرُّشد والاختيار، فإذا توافرت أركان العقد من الصيغة والعاقدين، والمنفعة، والأجرة. صحَّ العقد ووجب الالتزام بما جرى عليه الاتفاق؛ يعني يصير العقد لازماً. والأصل في الأجرة ــ الراتب ـــ أن تكون معلومة محدَّدة متفقاً عليها، لكنْ قد يطرأ أوضاع اقتصادية تجعل من الراتب المتفق عليه مُجحِفاً وغير مناسب لتبدُّل الأوضاع والأحوال الاقتصادية كما هو الحال الآن في لبنان، فالانهيار الحاصل اليوم أصاب المجتمع كلَّه، والأجور في العقود السابقة صارت لا تتناسب مع الواقع المستجدِّ، ولذلك اختلت ووجب إعادة الاتفاق على الأجور ــ الرواتب ــ من جديد.

فالواجب الشرعيُّ حينئذٍ على صاحب العمل أن يسدِّد ويُقارب في مسألة الراتب؛ بحيث لا يبخس العاملَ عنده حقَّه، ولا يغبنه في تقدير أجره الذى يستحقه نظير عمله الذي يقوم به، فالإسلام يحِّرم الغبن؛ قال تعالى: (ولا تَبْخسُوا الناسَ أشياءهم) [سورةهود الآية: 85]. أي: ولا تنقصوا الناس حقوقهم؛ التي يجب عليكم أنْ توفُّوهم إياها؛ كالأجور أو السلع والبضائع أو غير ذلك.

وقد أرسى النبيَّ محمد صلَّى الله عليه وسلَّم قاعدة مهمة بقوله: “لا ضَررَ ولا ضِرار”. رواه أبو داودَ في سننه. وحذَّر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الظلم ــ سواءً أكانوا أرباب العمل أم غيرهم، فعن أبي أمامةَ إياسِ بن ثعلبةَ الحارثيِّ رضي الله عنه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “مَن اقتطع حقّ مسلم بيمينه، حرَّم الله عليه الجنة، وأوجب له النّار، قالوا: وإن كان شيئاً يسيراً؟، قال: وإن كان قضيبًا ــ عوداًــ من أراك” ــ سواك ـــ  رواه مسلم في صحيحه.

وعليه: فالواجب على صاحب العمل أن يتفق مع الموظَّف على راتب جديد يتناسب مع الواقع الاقتصادي، ومع العمل الذي يقوم به الموظف. وهذا يخضع للاتفاق الرّضائي، فإن لم يرض الموظَّف بالراتب، أو لم يلتزم صاحب العمل بما يريده الموظف فبإمكان الموظَّف البحث عن عمل آخر، ولا يُعتبر صاحب العمل مُلزماً بإجراء عقد توظيف جديد. والله تعالى أعلم. 

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *