هل يشترط لصحة عقد البيع أن تكون الأجرة معلومة ومحددة؟ وهل يصح أن آخذة نسبة معينة (أجرة) إذا وكلني شخص بشراء شيء له؟
فتوى رقم 4202 السؤال الأول: ما حكم الاتفاق مع شخص معين على القيام بشراء سلعة معينة على أن تكون اجرته على فعله نسبية بحسب سعر تلك السلعة بعد شرائها؟ مثلاً: الاتفاق مع شخص أن يشتري لي قائمة من المواد الغذائية على أن تكون أجرته بنسبة ١٠ بالمئة مما تكون عليه قيمة الفاتورة المشتراة؛ فإن كانت قيمة الفاتورة مليون تكون أجرته ١٠٠ ألف، وإن كانت الفاتورة مليونين تكون أجرته ٢٠٠ ألف وهكذا…
السؤال الثاني: حكم أن يقوم شخص بإيداع مال عند شخص آخر ويوكّله بأن يوصل هذا المال إلى مكان معين على أن تكون أجرته على فعل ذلك نسبية بحسب قيمة المبلغ المودع؟ مثلاً: أرسل شخص أموالاً على دفعات لشخص في طرابلس وطلب منه ان يوصل هذا المال إلى مكان معين هناك على أن تكون أجرته على هذا العمل ١٠% من قيمة المال المرسل، فبعد إيصال المال للمكان المطلوب يُحصى المال المرسل وتكون الأجرة ١٠% بحسب قيمة المبلغ، فان كان ثلاثة ملايين مثلاً تكون أجرته ٣٠٠ ألف وإن كان أربعة ملايين تكون أجرته ٤٠٠ ألف وهكذا…، فهل يَصحُّ ذلك؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول والثاني: هذا التوكيل لهذا الشخص هو عقد إجارة على فعل معين ــ وهو القيام بشراء بعض السلع أو نقل مبلغ من المال مجهول المقدار إلى مكان معين ــ مقابل أجرة، وقد أجمع الفقهاء على أن من شروط صحة هذا العقد أن تكون الأجرة معلومة ومحدَّدة، وإلا حصل غرر ــ ما انطوى على جهالة في الثمن أو المثمَّن، أو الأجل ــ وجهالة، وهذا يجعل هذا العقد ــ الاتفاق ــ غير صحيح؛ لحديث الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال: “نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ الحَصاةِ، وعن بَيعِ الغَرَرِ”. ويلحق بالبيع كلُّ عقود المعاوضة، فنسبة عشرة بالمئة من قيمة فاتورة السلع المطلوبة أو قيمة الأموال المنقولة مع جهالة قيمتها، فيها غرر وجهالة تؤدي إلى الغبن والنزاع، إلا إذا كانت القيمة معلومة لدى الطرفين بأنها تبلغ قيمة كذا (فاتورة السلع، أو المبلغ المنقول) فحينئذ لا مانع؛ لانتفاء الغرر والجهالة المـُفضية إلى الغبن والنزاع.
وعليه: فلا يَصِحُّ هذا التعامل لحصول الغرر والجهالة المـُفضية إلى الغبن والنزاع، ويُشترط لصحة هذا الاتفاق ــ العقد ــ معرفةُ المتعاقدَيْن بالأجرة بأن تكون معلومة المقدار. والله تعالى أعلم.