لدي محلٌّ للحلوى، ويُطلب مني أحياناً أن أضعَ رسوماً على قوالب الكاتو منها الصليب أو غيره من شعارات دينية، فهل آثم إن صنعت الحلوى المطلوبة؟
فتوى رقم 4195 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي محلٌّ للحلوى، ويُطلب مني أحياناً أن أضعَ رسوماً على قوالب الكاتو منها الصليب أو غيره من شعارات دينية (نصرانية)كما – فيما يسمَّى عيد الحب – يُطلب مني أيضاً صناعة قوالب لهذه المناسبة، فهل آثم إن صنعت الحلوى المطلوبة؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للمسألة الأولى وهي وضع شعار عقدي يخالف عقيدة المسلمين على قالب الحلوى، فهذا الفعل لا يجوز وهو حرام، وربما يؤدي بصاحبه إلى الكفر، لنهى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن كل ما فيه تصليب، ففي حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم يكن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يترك في بيته شيئاً فيه تصاليبُ إلا نَقَضَه)). رواه البخاريُّ في صحيحه. وفي روايةٍ لأبي داودَ في سننه: “قَضَبه” – قال الإمام الخطابيُّ – رحمه الله تعالى – في كتابه: “معالم السنن” (4/206) أي: قطعه، والقَضْبُ: القطع، والتصليب ما كان على صورة الصليب”. انتهى.
وروى الترمذيُّ في سننه عن عديِّ بن حاتمٍ رضي الله عنه، قال: ((أتيت النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عَدِيُّ اطرحْ عنك هذا الوثن)). واعلم – أخي السائل – أن رسم الصليب على قالب الحلوى إعانة على إثم كبير وهو نشرٌ لعقيدة الصَّلب، وهذا مناقض لعقيدة المسلمين الثابتة في القرآن الكريم، قال الله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ]سورة المائدة: الآية 1[.
وقد نصَّ فقهاء الشافعية – في كتبهم المعتمدة في المذهب – على أنه لا يَصِحُّ بيع الصور والصُّلبان ولو من ذهب، أو فضة، أو حلوى” شرح المنهاج مع حاشيتَيْ قليوبي وعميرة 2/185.
وعليه: فيَحرم رسم الصليب وكلِّ ما يخالف عقيدة المسلمين على قالب الحلوى.
وأما بالنسبة لرسم ما يعبِّر عن ما يسمَّى الفالنتين أو عيد الحب خاصة في يوم ذلك العيد، فلا شكَّ في منعه؛ لما فيه من التشبُّه بأهل الكفر والفسق والفجور، فقد ورد في الحديث الذي أخرجه أبو داودَ في سننه من حديث عبد الله بن عمرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)). حسَّنه الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى – في فتح الباري. قال العلَّامة عبد الرؤوف المـُناوي – رحمه الله تعالى – في كتابه: “فيض القدير شرح الجامع الصغير ” (6/104): قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ) أي تزيَّا في ظاهره بزِيِّهم، وفي تعرُّفه بفعلهم، وفي تخلُّقه بخُلقهم، وسار بسيرتهم وهَدْيِهم في ملبسهم وبعض أفعالهم”. انتهى.
وعليه: فلا يَحِلُّ صناعة الحلوى التي تتضمن شعاراتٍ في يومِ ما يسمَّى عيد الحب؛ لما فيه من الإعانة على التشبُّه بهم ظاهراً، وتكثير الدعاية ، فغالب مَن يشترون هذه الأشياء في مثل ذلك اليوم يقصدون هذا العيد. وننبِّه على أن رسم القلب الأحمر أو ما يرمز إلى الحب، في غير يوم عيدهم ــ الفالنتين ــ لا حرجَ فيه. والله تعالى أعلم.