ما حكم المرأة التي تعمل وتختلط بالرجال في هذا الزمان وكأنَّ الأمر عاديٌّ جدًّا، هل هي آثمة وخالفت حكم الشرع، أم أنَّ أحكام الدُين تتطوَّر مع كلّ زمان؟

فتوى رقم 4145 السؤال: السلام عليكم، معلوم أن من شروط عمل المراة في الاسلام عدم الاختلاط بالرجال إلَّا لضرورة، فما حكم المراة التي تعمل وتختلط بالرجال في هذا الزمان وكأنَّ الأمر عاديٌّ جدًّا، هل هي آثمة وخالفت حكم الشرع، أم أن أحكام الدُين تتطوَّر مع كلّ زمان، ومباح لها العمل ولو كان ثمة اختلاط؟ أرجو الإفادة.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

فقد حذر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من خطر الاختلاط بين الجنسين من دون ضوابطَ؛ لما يترتب عليه من مفاسد خطيرة، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء”.[متفق عليه].

فالاختلاط في أماكن العمل مما عمت به البلوى لكنْ ربما يكون بعضُه أخفَّ من بعض، وبعضه لا حرج فيه. ونشير إلى أن عمل المرأة المسلمة في مجتمعات لا تراعي الضوابط الشرعية بين الجنسين ـــ الرجل والمرأة الأجنبية ـــ لا يجوز إلا عند الحاجة.

وعليه: فليس كل صور الاختلاط في العمل أو الأماكن العامة بمحرَّمة، فربما يكون في مكان العمل عدد من المكاتب المتباعدة، ووجود قواطع بين الموظفين، لا حرج فيه، وربما لا يوجد قواطع إلا أنه يوجد تباعد، فإن كان ثمة غضٌّ للبصر، قال الله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ…) [سورة النور الآيتان: 30-31]. وعدمُ خضوعٍ ولين في الكلام، قال الله تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) [سورة الأحزاب الآية: 32].

وكان التكلُّم مقتصراً على أمور العمل، ولا يكون ثمة خلوة بينهما فلا حرج فيه، أما إذا كان ثمة اختلاط وتقارب أثناء العمل ومحادثة بين الجنسين بخضوع وضحك وعدم غضٍّ للبصر، فهذا لا شكَّ في النهي عنه وفاعله آثم؛ لأنه يمكنه التحُّرز منه. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *