حكم تسمية الله عزّ وجل (طبيب القلوب)

الفتوى رقم 4074  السؤال: السلام عليكم، ما حكم أن نقول: إن الله طبيب القلوب؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

ورد في السُّنّة النبويّة أحاديثُ فيها وصف الله تعالى بالطبيب منها: حديث أبي رِمْثَةَ رضي الله عنه، وفيه أنه قال للنبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: “أرني هذا الذي بظهرك، فإني رجل طبيب، قال صلَّى الله عليه وسلَّم : الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبُها الذي خلقها”. رواه أبو داود واللفظ له، والإمام أحمد في المسند. ومنها: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “ثمّ مرض رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فوضعت يدي على صدره فقلت: أذهب البأس، ربَّ الناس، أنت الطبيب، وأنت الشافي، فيقول النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أَلْحِقْنِي بالرفيق الأعلى”. رواه أحمد في المسند، والنَّسائي في السنن الكبرى، والبيهقيُّ في كتابه “الأسماء والصفات”، وصحَّحه الشيخ شعيب الأرناؤوط -رحمه الله- في تخريج مسند أحمد.

قال الإمام البيهقيُّ في كتابه “الأسماء والصفات” (ص311): “فأما الطبيب فهو العالم بحقيقة الداء والدواء، والقادر على الصحة والشفاء، وليس بهذه الصفة إلا الخالق البارئ المصوِّر، فلا ينبغي أن يُسمَّى بهذا الاسم أحد سواه، فأما صفة تسمية الله جلَّ ثناؤه فهي: أن يُذْ كر ذلك في حال الاستشفاء، مثل أن يقال: اللهمّ إنك أنت الـمُصحُّ والـمُمْرِض، والمداوي والطبيب، ونحو ذلك، فأَما أن يقال: يا طبيب،كما يقال: يا حليم، أو يا رحيم، أو يا كريم، فإن ذلك مفارقة لآداب الدعاء. والله أعلم”. انتهى.

وقال الـمُناوي في “فيض القدير” (2/99): “لأن الطبيب هو العالم بحقيقة الدواء والداء والقادر على الصحة والشفاء، وليس ذلك إلا لله، لكن تسمية الله الطبيب إذا ذكره في حالة الاستشفاء نحو: أنت المداوي، أنت الطبيب، سائغ، ولا يقال: يا طبيب، كما يقال: يا حكيم؛ لأن إطلاقه عليه متوقّف على توقيف”. انتهى. وقال ملّا علي قاري الحنفي في كتابه “مرقاة المفاتيح” (7/28): “أي: هو العالم بحقيقة الداء والدواء، والقادر على الصحة والشفاء، وليس ذلك إلا لله الواحد الموصوف بالبقاء. وقال بعضهم: أي: إنما الشافي المزيل للأدواء، وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام: “فإنّ الله هو الدهر” أي الذي تنسبونه إلى الدهر فإن الله فاعله لا الدهر، فلا يوجب جواز تسمية الله طبيبًا… قال الـمُظْهِر: وتسمية الله تعالى بالطبيب أن يذكر في حال الاستشفاء: اللهم أنت الـمُصِحّ والـمُمرض، والمداوي والطبيب، ونحو ذلك، ولا يقال: يا طبيب، كما يقال: يا حليم يا رحيم، فإن ذلك بعيد من الأدب، ولأن أسماء الله تعالى توقيفية”. انتهى.

عليه: فالقول بأن الله هو طبيب القلوب -بمعنى أنه العالم بحقيقة الداء والدواء، والقادر على الصحة والشفاء- لا مانع منه، على أن يكون ذلك في معرض ذكر الاستشفاء، وإنما الممنوع هو اطلاق اسم الطبيب عليه باعتباره اسمًا من أسمائه الحسنى، بأن نقول: يا طبيب كما في قولنا: يا رحيم، فأسماء الله توقيفية. والله تعالى أعلم. 

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *