فُتح باب التقديم على الإسكان، ونحن بعد فترة ينتهي عقد الإيجار لدينا، ويصبح مبلغ الإيجار الجديد مرتفعًا مقارنة بقسط الإسكان، ونريد شراء منزل عن طريق مصرف الإسكان

الفتوى رقم 4058  السؤال: السلام عليكم، وضعنا المادّي مستور، وليس لدينا مَن يُعيلنا، وليس لدينا القدرة لنشتريَ بيتًا، وحاليًا فُتح باب التقديم على الإسكان، ونحن بعد فترة ينتهي عقد الإيجار لدينا، ويصبح مبلغ الإيجار الجديد مرتفعًا مقارنة بقسط الإسكان، فهل يجوز لنا شراء منزل عن طريق مصرف الإسكان؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

الأصل في هذه المسألة أن الاقتراض من بنك الإسكان الربويِّ لشراء مسكن -إذا كان بالرِّبا- لا يَحِلُّ؛ لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [سورة البقرة الآية: 275]، وللأحاديث النبويَّة الواردة في حرمة الرِّبا، منها: ما رواه ابن أبي شيبةَ في مصنَّفه عن ابن سيرينَ -رحمه الله- قال:”أقرض رجل رجلًا خمسمائة درهم واشترط عليه ظَهْرَ فرسِه، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: ما أصاب من ظَهْرَ فَرَسِه فهو ربًا“. ومنها: ما رواه أيضًا ابن أبي شيبةَ عن زِرِّ بن حبيشٍ، قال: قال أُبَيّ: “إذا أقرضت قرضًا وجاء صاحب القرض يحمله ومعه هدية فخذ منه قرضه ورُدَّ عليه هديَّتَه“، ومنها: ما رواه عبد الرزاق في مصنَّفه عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “إذا أسلفت رجلًا سلفًا فلا تقبل منه هَدِيًّةَ كُرَاعٍ (ما دون الكعب من الدابة)، وهو لا قيمة له معتبرة، ولا عَارِيةَ رُكُوبٍ دابَّة”.

 وقد نقل ابن المنذر إجماعَ العلماء على ذلك فقال: “أجمعوا -على أن الـمُسْلِفَ إذا اشترط على المسْتَسْلِفِ زيادةً أو هدية فأسلف على ذلك- أَنَّ أَخْذَ الزيادة على ذلك ربًا”.

واعلم -أخي السائل- أنه إذا كان المسكن بالنسبة لك ضرورة أو حاجة مُلِحَّة ولم يكن ثمة بديل؛ كبيت أجرة، جاز الاقتراض من بنك الإسكان؛ لما قرَّره الفقهاء من أن الحاجة قد تنزَّل منزلة الضرورة. والحاجة هي التي إذا لم تتحقق يكون المسلم في حرج وإن كان يستطيع أن يعيش، بخلاف الضرورة التي لا يستطيع أن يعيش بدونها، والله تعالى رَفَعَ الحرجَ عن هذه الأُمَّة بنصوص القرآن، كما في قوله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [سورة الحج الآية: 78]، وفي قوله تعالى: ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) [سورة المائدة الآية: 6]، والمسكن الذي يدفع عن المسلم الحرجَ هو المسكن المناسب له في موقعه وفي سعته وفي مرافقه، بحيث يكون سكنًا حقًّا، واعلم أن ضابط هذه القاعدة، هي: أن ما أُبيح للضرورة فإنه يُقَدَّرُ بقَدْرها.

وعليه: فإن عجزت عن بديل، كأنْ أعجزك استئجارُ منزل، فلك أن تأخذ قرضًا من مصرف الإسكان، وذلك بقدْر ما يحقّق لك حاجة السكن الملحَّة، وإلا بأنْ قدرت على دفع إيجار فلا يحلُّ لك أخذ هذا القرض الربويّ. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *