دخلت المسجد وصلَّيت بحسب اتجاه سجادات الصلاة، فاكتشفت أن اتجاه القبلة خطأ
الفتوى رقم 3852 السؤال: السلام عليكم، لديَّ سؤالان بارك الله بكم، الأول: أني دخلت المسجد، وأول مرّة أدخله، فرأيت سجادات (ليس سجادات الصلاة) في اتجاه معين، فحسبت أنه اتجاه القبلة، فصلَّيْت، ثم عرفت لاحقاً أنه خطأ، فهل عليّ أن أعيد الصلاة؟السؤال الثاني: نحن في العمل نستأجر شقة، أنا وزميلي مسؤولان عن التواصل مع صاحب العقار، اتّصَلَ هذا الرجل بزميلي بعد أن قبض الإيجار، وأعطاه مبلغاً من المال وأخبره أنها هدية له ولي لـحُسن تعاملنا معه، فهل يجوز الانتفاع بهذا المبلغ؟ علماً بأنه لا يؤثر على الأمانة في العمل لأنه لا يوجد منافسة بين صاحب هذا العقار وغيره، ولن نستأجر إلا منه بقرار من الإدارة.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول: فقد نصَّ الإمام النوويّ -رحمه الله تعالى- في كتابه “منهاج الطالبين”: “ومَن صلَّى بالاجتهاد فتيقَّن الخطأَ قضى في الأظهر، فلو تيقَّنه فيها وجب استئنافُها”. انتهى.
وعليه: فالواجب إعادة الصلاة؛ لأن الأصل أن يسأل القائمين على المسجد لمعرفة اتجاه القبلة.
أما بالنسبة للسؤال الثاني: فالذي فهمناه من السؤال أنكما تعملان في شركة، وهذه الشركة طلبت منكما التواصل مع صاحب العقار المستَأجَر، لدفع الأجرة له، فصاحب العقار أعطاكما هذه الهدية لحسن التعامل معه. فبدايةً أنتما موظَّفان في الشركة وموكَّلان بالتواصل مع صاحب العقار ودفع الأجرة له، فقدَّم لكما مبلغاً من المال كهدية، فهذا المبلغ لم يكن ليُعطَى لكما، لولا أنكما موكَّلان من قبل الشركة، وأنتما في الأصل تأخذان أجرة على عملكما، فيجب -والحال هذه- أن تُخبرا الشركة بما أعطاكما إياه صاحب العقار، وذلك سدًّا لذريعة الرشوة وإن سُمِّيت باسم الهدية، فعن أبى حُمَيْد الساعدي رضي الله عنه قال: “استعمل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم رجلاً على صدقات بني سُليم يدعى ابن اللُّتْبِيَّة، فلمَّا جاء حاسبه، قال: هذا مالكم، وهذا هدية، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: فهلَّا جلستَ في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كُنْتَ صادقاً؟! ثمّ خطبنا فحَمد الله وأثنى عليه ثم قال: أمّا بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي! أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته؟! والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقِيَ الله يحمله يوم القيامة، فلَأعرِفَنَّ أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رُغاء –صوت- أو بقرة لها خُوار، أو شاة تيعر –تصيح- ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه يقول: اللهمّ هل بلّغت”. رواه الشيخان، واللفظ للبخاريّ.
وفي رواية مسلم: “قال عروة: فقلتُ لأبي حُميدٍ الساعديّ: أسَمعتَه من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ فقال: مِن فيه إلى أُذُني”.
وعليه: فإن أَذِنَتِ الشركةُ لكما بأخذ هذه الهدية، فلا حرج، وإلَّا بأنْ لم تأذنْ لكما فلا يصحُّ أخذها، والواجب إيصالها إلى الشركة. والله تعالى أعلم.