ذُكر اسم “أحمد” في الإنجيل وليس “محمّد”، ومعنى هذه الأسماء

الفتوى رقم 3724  السؤال: السلام عليكم، هل يجوز إخصاء الحيوانات الأليفة تجنُّبا لتلويثها المنزل؟ سؤال آخر: لماذا ذُكر اسم أحمد في الانجيل وليس محمد؟ وما معنى حديث: “أنا أحمد، وأنا محمَّد”؟

الجواب، بالله تعالى التوفيق:

بالنسبة للسؤال الأول: فالأصل في إخصاء الحيوانات غير المأكولة المنع؛ لنهي النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كما في حديث مسند الإمام أحمد، عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، وحديث البزّار في مسنده، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، لكنْ نصَّ بعض أهل العلم – كما في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (19/122)- من الحنفية على جواز الإخصاء للحيوان غير المأكول (كالهرّ مثلاً) إن كان فيه مصلحة أو دفع مفسدة.

وعليه: فإن كان في إخصاء الحيوان الأليف -كالهرّ مثلاً- مصلحة أو دفع مفسدة فلا مانع منه، وإلا فلا يجوز.

أما بالنسبة للسؤال الثاني: فقد ورد ذكر أحمد في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ( [سورة الصف الآية:6]. وروى البخاريُّ  ومسلم في صحيحَيْهما، أنّرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ”.

وقد وضّح كثير من العلماء الفرق بين اسم محمد وأحمد، وفي ذلك يقول الإمام القرطبيُّ -رحمه الله- في كتابه “الجامع لأحكام القرآن” (18/84) عند تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ( [سورة الصف الآية:6] قال: “وأحمد اسم نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو اسم علم منقول من صفة لا من فعل، فتلك الصفة أفعل التي يُراد بها التفضيل (اسم التفضيل).

فمعنى “أحمد” أي أحمدُ الحامدين لربِّه. والأنبياء صلوات الله عليهم كلُّهم حامدون الله، ونبيُّنا أحمد أكثرهم حمداً. وأما محمد فمنقول مِنْ صفة أيضاً (اسم مفعول)، وهي في معنى محمود، ولكن فيه معنى المبالغة والتكرار، فالمحمَّد هو الذي حُمِد مرة بعد مرة، كما أن المكرم من الكرم مرة بعد مرة، وكذلك الممدح ونحو ذلك، فاسم محمد مطابق لمعناه، والله سبحانه سمَّاه قبل أن يسمِّي به نفسه، فهذا علم من أعلام نبوته، إذ كان اسمه صادقًا عليه، فهو محمود في الدنيا لما هدى إليه ونفع به من العلم والحكمة، وهو محمود في الآخرة بالشفاعة، فقد تكرر معنى الحمد كما يقتضي اللفظ. ثم إنه لم يكن محمداً حتى كان أحمد، حمد ربَّه فنبَّأه وشرَّفه، فلذلك تَقَدَّم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمد، فذكره عيسى عليه السلام فقال: اسمه أحمد، وذكره موسى عليه السلام (من روايات أهل الكتاب) حين قال له ربُّه: “تلك أُمَّة أحمد، فقال: اللهم اجعلني من أُمَّة أحمد”، فبأحمد ذَكَرَه قبل أن يذكره بمحمد؛ لأن حَمْدَه لربِّه كان قبل حَمْدِ الناس له. فلما وُجِدَ وبُعِثَ كان محمَّداً بالفعل. وكذلك في الشفاعة يحمد ربَّه بالمحامد التي يفتحها عليه، فيكون أحمدَ الناس لربِّه ثم يشفع فيُحْمَدُ على شفاعته.

وروي أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “اسمي في التوراة أحيد؛ لأني أحيد أمتي عن النار، واسمي في الزبور الماحي، محا الله بي عبدة الأوثان، واسمي في الإنجيل أحمد، واسمي في القرآن محمد لأني محمود في أهل السماء والأرض”. وفي الصحيح: “لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي تحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب”. انتهى.

 وعليه: فاسم أحمد هو الذي يُكثِر حمدَ ربِّه، واسم محمد الذي حُمِدَ مرة بعد مرة. وكلاهما فيهما معنى الحمد لله تعالى فلا فرق بينهما إلا من ناحية المبالغة في الحمد وكلاهما وصف لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وعبَّر سيدنا عيسى عليه السلام بــ أحمد للتنويه بشرف الرسول عليه الصلاة والسلام وفضله فهو أَحْمَدُ النَّاسِ على الإطلاق لله تعالى وأجمعُهم للفضائل والمحاسن التي يُحْمَدُ عليها صلَّى الله عليه وآله وسلَّم. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *