حكم الموسيقى، وحكم استخدام السبيرتو والخلّ للتطهير
الفتوى رقم 3720 السؤال: السلام عليكم، ما هو حكم الموسيقى؟ وما حكم استخدام السبيرتو والخلّ للتطهير؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول: فالمعتمد والـمُفتى به في المذاهب الفقهية الأربعة –الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة- وهو المنقول والمثبت في الكتب المعتمدة عندهم أن المعازف منها ما هو حرام وهي الآلات الوترية وآلات النفخ، ومنها ما هو مباح كالدُّف.
قال الفقيه المحقِّق ابن حجر الهيتميُّ الشافعيُّ -رحمه الله- في كتابه ” كفُّ الرَّعاع عن محرَّمات اللهو والسماع” (ص118): “الأوتار والمعازف، كالطُّنْبُور والعُود والصَّنْج.. وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللهو والسَّفاهة والفُسوق، وهذه كلُّها محرَّمة بلا خِلاف، ومَن حكى فيه خلافًا فقد غلط أو غلب عليه هواه، حتى أصمَّه وأعماه، ومنعه هداه، وزلَّ به عن سَنن تقواه. وممَّن حكَى الإجماع على تحريم ذلك كلِّه: الإمام أبو العباس القرطبيّ، وهو الثقة العدل، فإنَّه قال كما نقَلَه عن أئمَّتنا وأقرُّوه: أمَّا َالـمَزَامِير والكُوبَة –الدربكة- فلا يُختَلف فِي تحريم سماعها، ولم أسمعْ عن أحدٍ ممَّن يُعتبَر قولُه من السلف، وأئمَّة الخلف مَن يُبيح ذلك، وكيف لا يُحرَّم وهو شعار أهل الخمور والفسوق، ومهيِّج للشهوات والفساد والمجون، وما كان كذلك لم يُشَكَّ فِي تحريمه ولا فِي تفسيق فاعله وتأثيمه. وممَّن نقَل الإجماعَ على ذلك أيضًا إمامُ أصحابنا المتأخِّرين أبو الفتح سُلَيم بن أيوب الرازي، فإنَّه قال فِي “تقريبه” بعد أنْ أورد حديثًا فِي تحريم الكُوبَة، وفي حديث آخَر: “أنَّ اللهَ يَغفِرُ لكلِّ مذنبٍ إلا صاحب عَرطَبة أو كُوبةٍ”، والعَرطَبة: العُود، ومع هذا فإنَّه إجماع”. انتهى.
وممن حكى الإجماع أيضاً الفقيهُ المحدِّث أبو الحسين البغويُّ الشافعيُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه “شرح السُّنَّة” (12/383) فإنه قال: “وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيم المزامير والملاهي وَالْمَعَازِف”. انتهى. وقال الفقيه الحنبليُّ ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه “المغني” (9/132): “آلَةُ اللَّهْوِ كَالطُّنْبُورِ، وَالْمِزْمَارِ، وَالشَّبَّابَة… آلَةٌ لِلْمَعْصِيَةِ، بِالْإِجْمَاعِ”. انتهى.
وقد وردت أحاديثُ في السُّنَّة النبويَّة تبيِّن حُرمة الاستماع إلى المعازف، منها ما رواه البخاريُّ في صحيحه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “ليكونَنَّ من أمَّتي أقوام يستحلُّون الحِرَ (أي: الفرج، والمراد استحلال الزنا) والحرير والخمر والمعازف”. ومنها قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: “صوتان ملعونان: صوت مزمار عند نعمة، وصوت ويل عند مصيبة”. حسّنه الحافظ المقدسيُّ في “المختارة”. وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنَّة عند مصيبة”. قال الهيثميُّ في “مجمع الزوائد”: رواه البزَّار ورجاله ثقات. ومنها ما رواه أبو داودَ وأحمدُ وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الله حرَّم عليَّ، أو حرَّم الخمر والميسر، والكوبة، وكلُّ مُسكِر حرام”. وفي رواية: “إن الله حرّم عليكم”.
وأما ما يقوله البعض من جواز استعمال المعازف حتى أدخلوها على الأناشيد، فقد أفتى بها قديماً الشيخ عبد الغنيِّ النابلسيُّ -رحمه الله- في كتابه “إيضاح الدلالات في سماع الآلات” وقبله ابن حزم الظاهريُّ -رحمه الله- ومن المعاصرين العلّامة القرضاوي. والله تعالى أعلم.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني: فالسبيرتو أو Alcohol فهي نجسة لكونها مسكرة ومائعة، وهذا قول السادة الشافعية، خلافاً للسادة الحنفية فلا تُعتبر نجسة عندهم. وأما بالنسبة للخلّ، فمعلوم أن من وسائل التطهير المجمع عليها التخلل، يعني من دون وضع أي شيء فيها، بمعنى أنها تخللت بنفسه . ومعلوم أن الخل يمر بمرحلة الخمرية، فلا يفتح حتى يتحول إلى خل. والله تعالى أعلم.