تاجر اشترى عدة بيوت، وأسكن بنته في أحد هذه البيوت، وحالياً اشترى بيتًا جديدًا لبنته الأخرى، وكتبه باسمها، والآن يريد أن يكتب بيوتًا لباقي الأخوات، فما المعيار للتقسيم بين الأخوات؟
الفتوى رقم 3655 السؤال: السلام عليكم، ثمة أبٌ تاجر اشترى عدة بيوت، وأسكن بنته في أحد هذه البيوت، وحالياً اشترى بيتًا جديدًا لبنته الأخرى، وكتبه باسمها، والآن يريد أن يكتب بيوتًا لباقي الأخوات، فما المعيار للتقسيم بين الأخوات؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بدايةً، فإن هذه المسألة تدخل تحت باب العطيّة والهبة، وقد اتفق أهل العلم على أن الأب إذا أعطى لأولاده صحَّت عطاياه مطلقاً سواء سوَّى في العطية أم لا.
وأما بالنسبة لحكم التسوية أو عدمها فالذي عليه أكثر أهل العلم أن التسوية مستحبة غير واجبة، وذهب الحنابلة إلى وجوب التسوية بين الأولاد في العطية؛ بدليل ما ثبت في الصحيحين -واللفظ لمسلم- أن النبَّي ﷺ قال لبشير بن سعد رضي الله عنه لما نَحَلَ ابنَه النعمانَ نُحْلًا وأتى النبيَّ ﷺ ليُشْهِدَه على ذلك فقال له: “يا بشير، ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله ﷺ: أكلّهم وهبتَ له مثل هذا؟ قال: لا. قال:رسول الله ﷺ: فلا تُشْهِدْنِي إذًا، فإني لا أشهد على جَوْر“. وفي رواية لهما قال له أيضًا: “فأرجعه“. وفي رواية لمسلم: “اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فردَّ أبي تلك الصدقة“. وفي رواية عند أحمد: “إن لِبَنِيك عليك من الحقّ أن تَعْدِلَ بينهم“. قال الإمام النوويُّ -رحمه الله تعالى- في شرح “صحيح مسلم” (11/66): “وفي هذا الحديث: أنه ينبغي أن يُسَوِّيَ بين أولاده في الهبة، ويَهَبَ لكلِّ واحد منهم مثلَ الآخر، ولا يفضِّل”. انتهى.
والحاصل: أن المسألة مبنيَّة على نية الأب وقصده؛ فإنْ فضَّل الأبناءَ بعضهم على بعض -كالذُّكور على الإناث- ومن دون رضى الأولاد كلِّهم، أو من غير مسوِّغٍ من حاجة أو عَوَزٍ فهذا نوع من الحَيْفِ والظُّلم الذي يُورث تنافرًا في قلوب الأولاد -إخوة وأخوات-، ومما يُذْكِي العداواتِ والخصومات والأحقاد بينهم؛ فالواجب عندها على الأب أن يحفظ الودَّ والمحبة في قلوب أبنائه وفيما بينهم بأن يُسَوِّيَ بينهم في العطيّة، ويَحْرُمُ عليه المفاضلة بين أولاده -بالضوابط المذكورة أعلاه- وكلِّ ما يؤدي إلى العدوات والخصومات.
والله تعالى أعلم.