على أيِّ أساس أجمع العلماء على تستُّر المرأة عند الصلاة؟ وما تفسير الآية: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)؟
الفتوى رقم 3444 السؤال: السلام عليكم، على أيِّ أساس أجمع العلماء على تستُّر المرأة عند الصلاة؟ هل ثمة حديث واضح يبيِّن أنه على المرأة لبس ثياب الصلاة -أي التستُّر بشكل كامل- عند القيام بالصلاة؟ وما تفسير الآية: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
هذه المسألة الفقهية من البديهيات المعروفة لدى المسلمين صغيرهم وكبيرهم، فعندما نقول: أجمع العلماء، معناه أن كلَّ علماء الشريعة المجتهدين ثبت لديهم هذا الحكم، ولا يُشترط معرفة دليل الإجماع؛ لأن الإجماع مصدر من مصادر التشريع المتفق عليها، وهو حجة قطعية لا تجوز مخالفته، ولأنه يستحيل اجتماع علماء المسلمين المجتهدين على باطل، فالإجماع لم يأت به علماء الإسلام من عند أنفسهم، مع التنبيه على أنه ورد في هذه المسألة آياتٌ تبيِّن حدود عورة المرأة والرجل خارج الصلاة، وكذلك وردت أحاديثُ لرسول الله ﷺ تفصِّل وتوضِّح حدود العورة في الصلاة وخارجها، وقد تواترت عن النبيِّ ﷺ هذه المسألة التي هي مجمع عليها.
وبالنسبة لآية: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) في [سورة الأعراف الآية:31]، فقد قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسيره: “هذه الآية الكريمة ردٌّ على المشركين فيما كانوا يعتمدونه من الطواف بالبيت عُراة، كما رواه مسلم والنَّسائيُّ وابن جرير -واللفظ له- من حديثٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانوا يطوفون بالبيت عُراة، الرجال والنساء: الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وكانت المرأة تقول: اليوم يبدو بعضُه أو كلُّه وما بدا منه فلا أُحِلُّه، فقال الله تعالى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ). وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله تعالى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)، قال: كان رجال يطوفون بالبيت عُراة، فأمرهم الله بالزينة، والزينة: اللباس، وهو ما يواري السَّوأة (العورة) وما سوى ذلك من جيد البَزِّ والمتاع، فأُمروا أن يأخذوا زينتهم عند كلّ مسجد”. انتهى. يعني: أُمروا أَمْرَ فرضٍ بتغطية العورة للرجال والنساء، واستُحِبَّ لهم الزيادة على ذلك، بأن يلبسوا الجيد من الثياب.
فمن مجموع الآيات والأحاديث كان الإجماع بوجوب تغطية المرأة لكلِّ عورتها، وهي البدن كلُّه ما عدا الوجه والكفَّين، واختلف أهل العلم في القدمين، فالأكثر على أنه عورة في الصلاة وخارجها. و المراد من المسجد الطواف والصلاة.
والله والله تعالى أعلم.