صلاة جماعية في كل الدول من أجل رفع البلاء عن الأمة الإسلامية

الفتوى رقم 2868 السؤال: السلام عليكم، ستُقام صلاة جماعية في كل الدول تقريبًا في وقت معيَّن من أجل رفع البلاء عن الأمة الإسلامية، فهل يصِحّ ذلك؟ وهل يقاس ذلك على صلاة الحاجة كما ورد في منشور تمَّ توزيعه؟ وهل يجوز أن يصلِّي المسلم ركعتين في غير الأوقات التي يُكره تحريمًا الصلاة فيها؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

لم يَرِدْ في السُّنة الصحيحة أنّ النبيَّ ﷺ نَدَبَ أو طَلَبَ من المسلمين تأدية صلاة جماعية أو فردية خاصة بالوباء أو الأمراض الـمُعدية رغم وجود تلك الأمراض في زمنه ﷺ، ومن تلك الأوبئة وباء الـجُذام وهو مرض جلديٌّ مُعْدٍ وليس له دواء، فقد قال ﷺ: “فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد”. رواه البخاريُّ في صحيحه. وحصل في السنة السادسة للهجرة طاعون في بلاد فارس، وقد أمر النبيُّ ﷺ المسلمين بقوله: “إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها”. رواه البخاريُّ في صحيحه.

وقد علَّمنا رسول الله ﷺ الاستعاذة من هذه الأمراض، فقد روى أبو داود في سننه بسند صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ منَ البرصِ، والجنونِ، والـجُذامِ ومن سيِّئِ الأسقام”.

وأيضاً حصل طاعون في زمن أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلم يُنقل عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم دعوا إلى صلاة جماعية للطاعون، والمطلوب هو ترك المنكرات وترك أكل أموال الناس بالباطل، ورفع الظلم، والاحتكام إلى شرع الله تعالى، والتوبة، والاستغفار، والأمر بالمعروف… فما من بلاء نزل إلا بذنب ولا يُرفع إلا بتوبة. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “أقبل علينا رسولُ الله ﷺ فقال: يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتُلِيتم بهنَّ وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يُعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مَضَوْا، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسِّنِين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القَطْرَ من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيَّروا مما أنزل اللهُ إلا جعل الله بأسَهم بينهم”. رواه ابن ماجه في سننه.

وأما دعوى القياس على صلاة الاستسقاء أو الحاجة فتَنُمُّ عن جهل بأصول القياس؛ لأنّ المسائل التعبُّدية المحضة كالصلوات الخاصة، لا قياس فيها ولا عليها، أي: إثبات عبادة مستقلة قياساً على غيرها، كما في المنشور المشار إليه.

وأما أن يصلِّيَ المسلم صلاة ركعتين في غير الأوقات التي يُكره تحريماً الصلاة فيها بشروط فلا مانع منها؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [سورة البقرة الآية: 153].

بناء عليه: فهذه الدعوة مخالفة لهدي رسول الله ﷺ، مع التنبيه إلى أنه لا مانع من أن يُصلّي المسلم صلاة ركعتين في غير الأوقات التي يكره تحريماً الصلاة فيها بشروط، كأنْ يُصلّي بعد العشاء وربما جماعة -قيام الليل- ويقنت بالدعاء أو يدعو بعد الصلاة.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *