هل يوجد حدٌّ أقصى لنسبة الأرباح في التِّجارة في ديننا الإسلامي؟
الفتوى رقم: 1542 السؤال: هل يوجد حدٌّ أقصى لنسبة الأرباح في التِّجارة في ديننا الإسلامي، على سبيل المثال تجارة الألبسة؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
إن الأرباح يحدِّدها البائع بما يراه مناسبًا في ذلك. فقد جاء في القرار الصادر عن مجمع الفقهي الإسلامي بجدة ما يلي:
أولًا: الأصل الذي تقرِّره النصوص والقواعد الشرعية ترك الناس أحرارًا في بيعهم وشرائهم وتصرُّفهم في ممتلكاتهم وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغرَّاء وضوابطها؛ عملًا بمطلق قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) [سورة النساء الآية:29].
ثانيًا: ليس هناك تحديد لنسبة معيَّنة للربح يتقيَّد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التجارة والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير.
ثالثًا: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام وملابساته؛ كالغش، والخديعة، والتدليس، والاستغفال، وتزييف حقيقة الربح، والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة.
رابعًا: لا يتدخل وليُّ الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللًا واضحًا في السوق والأسعار ناشئًا من عوامل مصطنعة؛ فإن لوليِّ الأمر حينئذ التدخُّل بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغبن الفاحش”. انتهى.
وقد ذكر الفقهاء أن الحاجات الأساسية والضرورية للناس لا يجوز فيها استغلال حاجة الناس إليها برفع أسعارها عن طريق الاحتكار الذي هو: حبس التجار طعام الناس وأقواتهم عند قلَّتها وحاجتهم إليها، ليرتفع السعر ويغلو. وقد اتفق العلماء -في الجملة- على أنه لا يجوز الاحتكار إذا أضرَّ بالناس، وقيَّدوا ذلك بقيود اتفقوا على أغلبها، واختلفوا في بعضها.
ودليل التحريم ما أخرجه مسلم في صحيحه وغيرُه أن النبيَّ ﷺ قال: “لا يحتكر إلا خاطئ”. وفي المستدرك للحاكم النيسابوري وغيرِه: “أن النبيَّ ﷺ نهى أن يُحتكر الطعام“. وفي مسند الإمام أحمد وغيره أن النبيَّ ﷺ قال: “من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه. وأيُّما أهلِ عَرْصَةٍ (حيّ، منطقة) أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله”. وفي المستدرك للحاكم النيسابوري أنه ﷺ قال: “المحتكر ملعون”. وقد عدَّ بعض أهل العلم الاحتكارَ من كبائر الذنوب.
بناء على الوعيد الوارد في بعض الأحاديث، وممن ذكر ذلك الفقيه الشافعيُّ ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في كتابه “الزواجر عن اقتراف الكبائر”. والمقصود من تحريم الاحتكار منع إلحاق الضرر بالناس في الحاجيات الأساسية كالطعام..
والله تعالى أعلم.