حامل منذ أكثرَ من أربعة أشهر نصحتها الطبيبة بإسقاط الجنين بسبب تشوُّهه والتأثير على كمال خلقه

الفتوى رقم: 1102 السؤال: امرأة حامل منذ أكثرَ من أربعة أشهر زارت الطبيبة وأخبرتها أن الجنين ناقص مِن خَلْقِه عظمٌ في الرأس، وسيؤدي ذلك إلى تشوُّهه والتأثير على كمال خلقه، فهل يجوز إسقاط الجنين مع العلم أن هذه كانت نصيحة الطبيبه لها؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

أجمع الفقهاء على حرمة قتل الجنين بعد نفخ الروح -أي بعد مرور مائة وعشرين يومًا منذ التلقيح- وعلى عدم جواز قتله بأي حال من الأحوال إلا إذا كان استمرار الحمل يؤدي إلى وفاة الأم.

والخلاف واقع بين الفقهاء في حكم الإجهاض في الفترة السابقة لنفخ الروح. قال الله سبحانه: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا…) [سورة المائدة الآية:32].

وقد نقل الإجماعَ على حرمة الإجهاض بعد نفخ الروح الفقيهُ المالكيُّ ابنُ جُزَيّ في كتابه “القوانين الفقهية” ص141، حيث قال: “وإذا قبض الرَّحِمُ المنيَّ لم يَجُزْ التعرُّض له، وأشدُّ من ذلك إذا تخلَّق، وأشدُّ من ذلك إذا نفخ فيه الروح فإنه قَتْلُ نفسٍ إجماعًا”. وكذلك ما جاء في” نهاية المحتاج” (8/442): “…ويقوى التحريم فيما قَرُبَ من زمن النفخ؛ لأنه جريمة، ثم إنْ تشكَّل في صورة آدمي وأدركته القوابل وجبت الغُرَّة”. انتهى. -والغُرَّة: مقدار نصفِ عُشْرِ دِيَةِ أُمِّه-.

وحسب الوصف في السؤال فإن هذا الجنين أتم مائة وعشرين يومًا -أربعة أشهر- وقد نُفخت فيه الروح فلا يَحِلُّ -والحالة هذه- إسقاطه إلا إذا مات قبل الولادة، أو إذا كان في بقائه خطر على حياة الأم، بخلاف ما لو لم يتم الأربعة أشهر بحيث لم تنفخ فيه الروح . فقد أصدر المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 15 رجب الفرد سنة 1410هـ الموافق 10/2/1990م قرارَه: “بإباحة إسقاط الجنين المشوَّه، وبعد موافقة الوالدين في الفترة الواقعة قبل مرور مائة وعشرين يومًا من بدء الحمل”.

وعلى الوالدين الصبر والرضا بأقدار الله، ونذكِّرهما بقول الله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [سورة البقرة آية:216]، وقول الله تعالى: (فعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [سورة النساء آية:19]، وقول النبيِّ ﷺ: “عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ”. رواه مسلم في صحيحه.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *