حكم تشمير الأكمام في الصلاة

الفتوى رقم: 846 السؤال: السلام عليكم، ما حكم تشمير الأكمام في الصلاة؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

اعلم -أخي السائل- أن حكم تشمير الثوب -رفعه وكفِّه- سواء كان التشمير في الأكمام من جهة اليدين، أم في الذيل من جهة الساقين هو مكروه عند جمهور الفقهاء، ولم يقل أحد بالحرمة ألبتة.

فقد نقل الإمام النوويُّ الشافعيُّ رحمه الله في “شرحه على صحيح شرح مسلم” اتفاقَ العلماء على أن النهي عن الصلاة والثوب مشمَّر أو الأكمام، أو نحوه، أو الرأس معقوص، أو مردود الشعر تحت العمامة، أو نحو ذلك؛ فكلُّ هذا منهيٌّ عنه على سبيل الكراهة التنزيهيَّة؛ فلو صلَّى كذلك فقد أساء وصَحَّتْ صلاتُه.

يقول العلَّامة ابن الهُمام الحنفيُّ في كتابه”فتح القدير” (1/418): “وتُكره الصلاة أيضًا مع تشمير الكُمِّ عن الساعد”. انتهى.

وقال الفقيه ابن حجر الهيتميُّ الشافعيُّ رحمه الله في كتابه “تحفة المحتاج” (2/162-162): “(يُكره كَفُّ شعرِه أو ثوبِه) بنحو تشمير لكُمِّه أو ذيله… وإنْ كان إنما فعله لشغل، أو كان يصلِّي على جنازة؛ للخبر المتفقِ عليه: “أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم، ولا أَكُفَّ ثوبًا ولا شعرًا “ وحكمته منعُ ذلك من السجود معه، مع كونه هيئةً تنافي الخشوعَ والتواضع”. انتهى.

وقال العلَّامة البهوتي الحنبليُّ رحمه الله في كتابه “كشَّاف القناع” (1/373): “يُكره أن يشمِّر ثيابه، وذكر بعض العلماء حكمة النهي: أن الشعر ونحوَه يسجد معه (و) يُكره (تشمير كُمِّه) قاله في “الرعاية” لما تقدَّم، (ولو فعلهما) أي عقص الشعر وكَفَّ الثوب ونحوه (لعمل قبل صلاته) فيُكره له إبقاؤهما كذلك، لما سبق، ولحديث ابن عباس: “أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلِّي ورأسه معقوص من ورائه، فقام فجعل يَحُلُّه، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال: ما لك ولرأسي؟ قال سمعت النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: “إنما مَثَلُ هذا مَثَلُ الذي يصلِّي وهو مكتوف”. رواه مسلم “. انتهى.

وفصَّل السادة المالكية في المسألة فخَصُّوا الكراهةَ بما إذا فعل ذلك لأجل الصلاة، وأما إذا كان ذلك من هيئته قبل الصلاة، أو فعل ذلك لشُغْلٍ لم يُكره له ذلك، والجمهور -كما تقدم- على إطلاق الكراهة. فقد جاء في “شرح مختصر خليل للخرشي” -من كتب المالكية- (1/ 250): “يُكره للمصلي تشمير كُمَّه وضَمُّه؛ لأن في ذلك ضربًا من ترك الخشوع… وهذا إذا فعله لأجل الصلاة، أما لو كان ذلك لباسه، أو كان لأجل شُغْلٍ فحضرت الصلاةُ فصلَّى به: فلا كراهة فيه، قاله ابن يونس، لقوله عليه الصلاة والسلام: “أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ وَلا أَكْفِتُ شَعْرًا وَلا ثَوْبًا”. فأخبر أن النهي عن ذلك إنما هو إذا قصد به الصلاة” انتهى.

بناء عليه: فإن المسألة لا تخرج عن دائرة الكراهة التنزيهية؛ فمن تركها امتثالًا لأمر الشرع نال الأجر والثواب، ومن فعلها فلا أثم عليه. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *