شرح دعاء موسى عليه السلام في قوله تعالى: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) وحكم معالجة المرأة للرجل في العلاج الفيزيائي
فتوى رقم 4996 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قال الله عزَّ وجلَّ في سورة الدخان عن نبيِّه موسى عليه الصلاة والسلام:) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) أين الدعاء في هذه الآية الكريمة؟ و لم يَرِدْ اللهم أو ربَّنا، أو صيغة طلب؟ السؤال الثاني: هناك فتاة تعمل بالعلاج الفيزيائي دهنت كتف ورقبة شاب بالزيت بدون كفوف لأنها لا تستطيع أن تقوم بفرك مكان الألم والوجع مع الكفوف، هل يوجد إثم في هذه الحال؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بالنسبة للسؤال الأول: قال الإمام القرطبيُّ المالكيُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه” الجامع لأحكام القرآن الكريم”: “قوله تعالى: (فَدَعَا رَبَّهُ) فيه حذف، أي : فكفروا فدعا ربه، (أَنَّ هَؤُلاءِ) بفتح أَن، أي: بأن هؤلاء. (قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) أي: مشركون، قد امتنعوا من إطلاق بني إسرائيل ومن الإيمان.”انتهى. وقال المفسِّر السعديُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه “تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان” : قوله تعالى: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ )أي: قد أجرموا جرماً يوجب تعجيل العقوبة. فأخبر عليه السلام بحالهم، وهذا دعاء بالحال التي هي أبلغ من المقال، كما قال عن نفسه -عليه السلام-: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ )”انتهى.
وعليه: فإنَّ الدعاء الحاصل من رسول الله موسى عليه السلام هو دعاء بالحال؛ أي: أخبر عن حال فرعون وقومه، حين كذَّبوه ولم يؤمنوا بدعوته، فاستحقُّوا تعجيلَ العقوبة عليهم. فهذا يدخل تحت مسمى التعريض بالدعاء دون التصريح به. وأما بالنسبة للسؤال الثاني: الأصل أن يكون هذا العلاج من قِبل رجل مختص، ولا يَحِلُّ لمرأة أجنبية أن تقوم بهذا العمل لما فيه من اللمس والنظر، وربما كشف العورة ونحو ذلك، إلا في حالة الضرورة الـمُلجِئة؛ بأنْ كان يترتب على عدم فعله هلاك هذا الرجل وموته، أو آلآم شديدة، فالقاعدة الفقهية تقول” الضرورات تبيح المحظورات”، وما نحن فيه – السؤال – لا يدخل تحت مسمَّى الضرورة.
وعليه: يحرم على تلك المرأة تدليك أو معالجة الرجل الأجنبي علاجاً فيزيائياً والمطلوب أن يتمَّ معالجته من قِبل رجل، وهذا متوفر. والله تعالى أعلم.