ما حكم قراءة القرآن للحائض والنفساء؟
فتوى رقم 4235 السؤال: السلام عليكم، ما حكم قراءة الحائض للقرآن باعتبار ذلك أوراداً قبل النوم مع سورة السجدة والملك والواقعة، وهي بالعادة تقرأ ذلك كلَّ يوم، وسورة الكهف يوم الجمعة، وتحفظ لتسمّع المقرَّر عليها، حتى إنها تردد مع المقرىء ولو لم تكن في مقام الحفظ، كأنْ تضعَ على اليوتيوب، وتتفاعل مع المقرىء بالتلاوة، بما حكم ذلك؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
فقد نصَّ جمهور الفقهاء – من الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلة – على أنه لا يَحِلُّ للمرأة الحائض أو النُّفَساء قراءةُ القرآن الكريم إلا على نية الذِّكر؛ كقولها الآية الكريمة : (سُبْحَاْنَ الَّذِيْ سَخَّرَ لَنَاْ هذَاْ وَمَاْ كُنَّاْ لَهُ مُقْرِنِيْنَ)،
وأجاز الشافعية كل َّالأوراد المأخوذة من القرآن الكريم على نية الذكر، وكذلك أجازوا تحريك اللسان والهمس بالقرآن الكريم، بحيث لا تُسمِع الحائضُ نفسها، لأنها ليست بقراءة قرآن، وأجازوا أيضاً قراءة القرآن الكريم إذا لم تقصد شيئاً ــ يعني قرأت أو ردَّدت ولم تقصد لا ذكراً ولا قرآناً ــ أو كان القصد الذكر فقط (ملخصاً من فيض الإله المالك في حلِّ ألفاظ عمدة السالك 1/54 للبقاعي الشامي).
وأجاز المالكية للمرأة الحائض أو النُّفَساء حال استرسال الدم ــ في فترة نزوله ـــ قراءةَ القرآن الكريم ومنعوا قراءته في حال انقطاعه وقبل الغسل، إلا لمن تحفظه إن خافت نسيانه، ومنعوا مسَّه، إلا لمن تتعلَّم أو تعلِّم. ملخصاً من الموسوعة الفقهية (18/321 و322).
وننِّبه: على أنَّ إمرار القرآن الكريم على القلب ــ والنظر بالعين ـــ بالنسبة للحائض والنفساء لا مانعَ منه عند جميع الفقهاء، قال الإمام النوويُّ الشافعيُّ – رحمه الله – في كتابه: “المجموع شرح المهذَّب” (2/ 163): “يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَتُهُ بِالْقَلْبِ دُونَ حَرَكَةِ اللِّسَانِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ”.انتهى.
ونصَّ العلَّامة ابن عابدينَ الحنفيُّ – رحمه الله تعالى – في الحاشية (1/117): على جواز النظر في المصحف للحائض.
وعليه: فالأصل منع الحائض والنفساء تلاوة القرآن الكريم ــ وهو ما عليه جمهور الفقهاء ـــ إلا إذا كانت حافظةً للقرآن الكريم وخشيت نسيانه، فلا مانعَ لها من قراءته على قول مَنْ أجاز وهم المالكية، وإلا بأنْ لم تخشَ نسيانه فالأحوط الأخذُ بما عليه الجمهور، وهو المنع حتى تفرغَ من حيضها ونِفاسها ثم تتطهَّر، ويجوز لها ــ للحائض ــ قراءة بعض الآيات أو السُّور، كأوراد يومية ــ آية الكرسي أو الإخلاص أو الفلق أو الناس أو الـمُلك ونحوها ــ على نية الذكر. وأما إن ردَّدت الحائض أو النفساء خلف القارئ فهذا يَدخل في مسمَّى القراءة، إلا إذا قالت كلمةكلمة، مع فاصلٍ بينهما، ــ كما يقول السادة الأحناف ـــ فلا مانع، أو على وجه الدعاء كالفاتحة، أو شيءٍ من الآيات التي فيها معنى الدعاء، ولم تُرِدْ بذلك القراءة ــ للقرآن ــــ فلا بأس. ملخَّصاً من حاشية الفقيه ابن عابدين – رحمه الله تعالى – 1/195. والله تعالى أعلم.