هل للمرأة المتوفَّى عنها زوجها أن تعتد خارج منزل الزوجية، وما الأمور التي يجب مراعاتها؟
فتوى رقم 4915 السؤال: سيدة كانت مقيمة هي وزوجها في بيت ابنها في لبنان، مرض زوجها وعادت إلى بيتهم في سوريا لعلاجه، وبعد ثلاثة أشهر من العلاج، توفِّي الزوج، وبدأت بالعِدَّة في منزل زوجها في سوريا من يوم وفاته، ولكنها تُفضّل العودة إلى لبنان بسبب أن هناك مكان إقامتها، هل يوجد حُرمة شرعية تمنعها من ترك منزل زوجها والعودة الى منزل ابنها، أو أنه لا حرجَ في ذلك؟ وهل صحيح أنه لا يجوز أن يراها رجال أو يسمع صوتها رجل غريب؟ وإذا اضطرت إلى الذهاب لموعد أو اجتماع، أو موعد دكتور، فهل يَصِحُّ ذلك؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
فالواجب على المرأة المتوفَّى عنها زوجها العِدَّةُ التي تبدأ من حين الوفاة مباشرة، ويجب عليها الإحداد مدّة العِدَّة، وللإحداد أحكام تجب مراعاتها، نوجزها في خمسة أمور:
الأول: لزوم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فتقيم فيه حتى تنتهيَ العِدَّة، وهي أربعة أشهر وعشرًا؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [سورة البقرة الآية: 234]، إلّا أن تكون حاملًا فعدّتُها تنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: (وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [سورة الطلاق الآية:4]، ولا تخرج من بيتها إلّا لحاجة أو ضرورة ؛كمراجعة مستشفى للعلاج، وشراء حاجتها من السوق كالطعام، إذا لم يكن لديها مَن يقوم بذلك، أو للعمل إذا لم يكن لها مَن يُنفق عليها، ونحو ذلك.
الثاني: ليس لها لبس الجميل من الثياب (فلا تلبس ثيابًا تُعَدُّ ثيابَ زينةٍ في العُرف).
الثالث: أن لا تتجمَّل بالحُلِيِّ بجميع أنواعه؛ من الذهب، والفضّة، والماس، واللؤلؤ، وغير ذلك؛ سواء كانت قلائدَ، أو أساورَ، أو غيرها، حتى تنتهيَ العِدَّة.
الرابع: أن لا تتطيَّب بأيّ نوع من أنواع الطِّيب؛ سواء كان بخورًا، أو دُهنًا، إلا حال طُهرها من الحيض فلها -إذ ذاك- أن تستعمل الطِّيب في المحلِّ الذي فيه الرائحة الكريهة.
الخامس: أن لا تتزيَّن في وجهها أو عينها بأي نوع من أنواع الزينة أو الكحل.
تنبيه: لا حرجَ في كلام المعتدَّة وغيرها مع الرّجال ما دام في حدود الأدب والاحتشام، وإنّما النهي عن الخضوع بالقول، قال تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [سورة الأحزاب الآية:32]، وينبغي أن يُعلم أنّ كلام المرأة للرجل يكون في حدود الحاجة، وإذا حصلت مخالفة من المعتدَّة وفعلت ما ينبغي لها تجنُّبه فعليها الاستغفار والتوبة وعدم تكرار ذلك، وليس لهذا الفعل كفّارة غير هذا.
وعليه: فلا تخرج من بيت زوجها الذي توفِّي فيه إلا لحاجة أو ضرورة، فإنْ كان وجودها في بيت زوجها في سوريا يُلحق ضرراً بها، فيمكنها العودة إلى بيت ابنها في بيروت، وإلا فلا، بل تبقى في بيت زوجها، وأن يكون معها أثناء السفر مَحرم. ولا حرجَ في أن تخرج إلى الطبيب؛ لأن ذلك يدخل في مسمَّى الحاجة. والله تعالى أعلم.