من سعى إلى صلة رحمه وبادر إلى التواصل مع أقربائه، لكنهم لم يبادلوه الصلة، هل يعد قاطع رحم؟

فتوى رقم 4904 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقال: إنه يُغفر لكل المسلمين في ليلة النصف من شعبان؛ لانها ترفع الأعمال إلى الله تعالى، ويُغفر للمؤمنين إلا لقاطع صلة الرحم، لكن ماذا إذا حاولنا أن نصلح ونسلِّم ولكن هم لم يرضَوا بذلك ويصلحوا؟ العائلة لا تكلم بعضها بسبب الإرث وغيره، أبناء الخال والخال وزوجته لا صلة معهم، لكن منذ فترة طرأت حالة وفاة وقد راجعنا أنفسنا أنا وأختي وسلَّمنا على زوجة خالي، لكنها لم تبادر بطريقة سوية وبقيت جالسة في مكانها، وسلَّمت رفعَ ملامةٍ أمام الناس، ماذا عن أبناء الخال والخال، وماذا عن هذا الفعل، هل نحن مطرودون من الرحمة والمغفرة عند الله تعالى؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

الوعيد الوارد في الحديث هو لقاطع الرحم ولمن في قلبه بغضاء وشحناء لأخيه المسلم، أما مَن سعى للصلح وللوصل مع أقاربه، وليس في قلبه حقد على أخيه المسلم فلا يدخل تحت مسمَّى القاطع للرحم أو تحت مسمَّى الـمُشاحِن. فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: “أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقالَ: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ“.

وفي الصحيحَيْن من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) [سورة محمد الآية: 22]. وفي الصحيحَيْن أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “مَنْ أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فلْيَصِلْ رَحِمَه“.

وعليه: فمن سعى إلى صلة رحمه وبادر إلى التواصل مع أقربائه، لكنهم لم يبادلوه الصلةَ، فلا يُعَدُّ قاطعاً للرحم، مع سلامة الصدر تجاههم من الحقد والبغض، فلا يدخل في هذا الوعيد الوارد في الحديث.

وننبِّه إلى أن مجموع الروايات في هذه المسألة محمولة على مرتكب الكبائر، والتي منها: الشحناء، وقطع الأرحام،.. ونحوها، فمن أراد أن تناله رحمة الله ومغفرته في تلك الساعة المباركة، فعليه أن يكون تائباً من الكبائر. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *