معنى قوله تعالى: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فتوى رقم 4899 السؤال: السلام عليكم، عرفت معلومة أذهلتني وهي: أن الله يجزي الإنسان بأحسن عمل ثم يعمِّم ذلك الجزاء على جميع أعماله؛ بمعنى: تصلِّي لكنْ في صلواتك سهو وصلاة واحدة كانت قريبة للكمال أو كاملة الخشوع. الله يأخذ هذه ويجزيك بمثلها على سائر عملك، وكأن أعمالك كانت مثلها (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فهل فهمي في ذلك صحيح؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
هذه الآية وردت في سورة النحل في سياق الآيتين 96 و97، قال الله تعالى: (مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وما ذكر في السؤال من تفسير للآية ذُكر شيءٌ منه في بعض كتب التفسير، منها ما ذكره العلَّامة أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (المتوفى٩٨٢هـ) في تفسيره المسمَّى “إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم” (5/138)، قال -رحمه الله-: “قولُه تعالى: (بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) أُضيفَ إليه الأحسَنُ؛ للإشعارِ بكَمالِ حُسنِه كما في قولِه سبحانه: (وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ) [آل عمران: 148]، لا لإفادةِ قَصْرِ الجزاءِ على الأحسَنِ منه دونَ الحسَنِ؛ فإنَّ ذلك مِمَّا لا يَخطُرُ ببالِ أحَدٍ لا سِيَّما بعدَ قولِه تعالى: (أَجْرَهُمْ)، أو (لَنَجْزِيَنَّهُمْ) بحسَبِ أحسَنِ أفرادِ أعمالِهم المذكورِ على مَعْنى: لَنُعطينَّهم بمُقابَلةِ الفردِ الأدنى مِن أعمالِهم المذكورةِ ما نُعطيه بمُقابلةِ الفردِ الأعلى منها مِن الأجرِ الجزيلِ، لا أنَّا نُعْطي الأجرَ بحَسَبِ أفرادِها المتفاوِتةِ في مَراتبِ الحُسْنِ بأن نَجزِيَ الحسَنَ مِنها بالأجرِ الحسَنِ والأحسَنَ بالأحسَنِ”. انتهى. والله تعالى أعلم.