هل يجوز مسُّ المصحف للحفظ أو لمراجعة الحفظ أو للتسميع غيبًا، حال الحيض؟

فتوى رقم 4843 السؤال: هل يجوز مسُّ المصحف، أي حمله والقراءة فيه، للحفظ أو لمراجعة الحفظ أو للتسميع غيبًا حال الحيض؟ أرجو من حضرتكم الإيضاح والجواب الكافي والفصل في المسألة، وشكراً.

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

بدايةً، بالنسبة لقراءة الحائض للقرآن الكريم فقد نصَّ جمهور الفقهاء من الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلة: “أنه لا يجوز للمرأة الحائض قراءةُ -باللسان، وليس بالقلب أو العين- شيءٍ من القرآن الكريم، وأجاز المالكيَّة قراءةَ الحائض للقرآن الكريم مع حرمة مسِّ المصحف إلا للمعلِّمة والمتعلِّمة.” انتهى باختصار من الموسوعة الفقهية )18/321_ 322(. واعلمي أنه يمكن للمرأة الحائض أن تستمع للقرآن الكريم، وأن تنظرَ إلى المصحف دون حمله أو مسِّه، إلا إذا كان المصحف في جهازٍ إلكتروني أو هاتف جوال، فيمكن حمله وكذا إمراره على القلب -قراءة قلبية.

وأما بالنسبة للمسألة الثانية وهي: مسُّ الحائض أو النفساء للمصحف؟ فقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة، ونصُّوا في كتبهم المعتمدة: على أنه يَحْرُمُ للمُحْدِثِ مسُّ المصحف بلا حائل. قال تعالى: (لا يَمَسُّهُ إلا المطهَّرون)] سورة الواقعة الآية: 79 [. وفي كتابه صلَّى الله عليه وسلَّم لعمرو بن حزم: “أنْ لَا يَمَسَّ القرآنَ إلا طاهر” رواه الإمام مالك في الموطأ. قال الإمام ابن عبد البر في “التمهيد” (17/ 396): “وقد ذكرنا أن كتاب النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن في السُّنن، والفرائض، والدِّيات كتاب مشهور عند أهل العلم معروف، يستغني بشهرته عن الإسناد”. انتهى.

واختلف أهل العلم في مسِّه بحائل، كغلاف أو كُمٍّ أو نحوهما. فالمالكيَّة والشافعيَّة يقولون بالتحريم مطلقًا ولو كان بحائل، والصحيح عند الحنابلة جوازُ مسِّ المصحف للمُحْدِثِ بحائل مما لا يتبعه في البيع ككيس وكُمٍّ؛ لأن النهي إنما ورد عن مسِّه، ومع الحائل إنما يكون المسُّ للحائل دون المصحف، ومِثْلُه ما عند الحنفيَّة؛ لكنْ فرقوا بين الحائل المنفصل والمتصل، فقالوا: يَحْرُمُ مسُّ المصحف للمُحْدِثِ إلا بغلاف مُتجافٍ -أي غير مَخِيط- أو بصُرَّة. والمراد بالغلاف ما كان منفصلًا كالخريطة ونحوها؛ لأن المتصل بالمصحف منه.

وعليه: فالأحوط الأخذُ بمذهب الجمهور، وهو منع المرأة الحائض من أن تقرأ القرآن الكريم، ولا مانعَ من سماع القرآن الكريم أو إمراره على قلبها من خلال النظر في المصحف الشريف من دون مسِّه، أو من خلال برنامج القرآن الكريم الإلكتروني. والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *