قال لها زوجها: إنْ خرجتِ من البيت للسفر فأنت طالق.
فتوى رقم 4818 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله، قال لها زوجها: إنْ خرجتِ من البيت للسفر فأنت طالق، ثم قال: إنه تراجع عن طلاقه لها؛ وأخذها بنفسه إلى المطار وسافرت لعند أولادها، بعد ذلك يقول: إنه يشعر أن الطلاق وقع، وهي الآن في بلد آخر، وهي لا تريد الرجوع بسبب ضربه لها وتعنيفه، هل تأثم إذا رفضت العودة؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
بدايةً، إذا كان الطلاق رجعياً وهي لا تزال في عدة الطلاق، فإن أراد الزوج إرجاعها فلا يُشترط رضا الزوجة، بخلاف ما لو انتهت العدة، فتصير بائنة منه بينونة صغرى، ففي هذه الحالة يحتاج لإرجاعها إلى عقد جديد بأركانه وشروطه، ومنها رضاها به. إلا إذا كانت الطلقة الثالثة، فتصير بائنة بينونة كبرى -فلا تَحِلُّ له في هذه الحالة حتى تنكحَ زوجاً غيره-. وأما بالنسبة للضرب والإيذاء المتكرِّر من قِبل الزوج فهذا يعطيها الحقَّ من الناحية الشرعية في رفع أمرها إلى القاضي الشرعي وطلب التفريق بسبب الإيذاء الحاصل، وإن كان الأصل أن لا تطلب الزوجة الطلاق إلّا إذا كان ثَمَّة سبب شرعيٌّ يدفعها لطلبه كما في السؤال، فقد روى أبو داودَ والترمذيُّ وابن ماجَهْ في سُنَنهم عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة». ودليل طلب الطلاق إذا كان ثَمَّة سببٌ شرعيٌّ يدعو إليه هو ما رواه البخاريُّ في صحيحه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً”.
وعليه: فإن قرار الزوجة بعدم العودة لا يُعَدُّ مخالفةً للشرع حال وجود الإيذاء والضرب والإذلال الذي ذُكر في السؤال، بل إن الشرع أعطاها الحقَّ في رفع أمرها إلى القضاء الشرعي للمطالبة بالتفريق. والله تعالى أعلم.