ماذا حقّقت جمعية الاتحاد الإسلامي من أهدافها؟ – حوار مع الشيخ حسن قاطرجي

جعلَنا الله تلك الأمة الرائدة المتقدمة على سائر الأمم، واختصَّنا بأشرف رسالة لنبلغها على علمٍ وبصيرة، وفق ما أراد الله ورسوله.. وعلى هذا انطلق المسلمون في كل زمانٍ ومكان يبلغون دين الله وينشرون الخير أينما حلّوا وارتحلوا..

وكان لجمعية الاتحاد الإسلامي نصيبٌ متواضع من هذا الخير الذي نما غَرسُه وامتدّ حتى بسقت شجرةُ منهجها الفكري والدعوي بفضل الله وسابغ كرمه وحتى أصبحت المؤسّسة مؤسّسات.. حول أهداف الجمعية وإنجازاتها وعلاقتها مع سائر الجماعات العاملة على الساحة الإسلامية في لبنان وبمناسبة دخولها في السنة الأولى من عقدها الثالث (تأسست الجمعية عام 1993) وإطلاق شعار: (باتحادنا… نتألّق)، تُحاور «منبر الداعيات» رئيس الجمعية الشيخ حسن قاطرجي. 

1. «منبر الداعيات»: بعد مرور 20 عاماً على تأسيسها وافتتاح عشريّتها الثالثة:  ماذا حقّقت الجمعية من أهدافها؟

• الحمد لله حققت نجاحاً مهماً -في تقديري والله أعلم -على صعيد طرحها الفكري والدعوي وفَهْمها للإسلام ومصارحتها لمجتمعها برسالتها وأهدافها، أما الإنجازات فهذه جردة فيها والفضل كلّه لله رب العالمين: 

أولاً: القيام بفعّالية والحمد لله في حدود إمكاناتها بوظيفة الدعوة إلى الله؛ فدعاتُها يبلِّغون الدعوة في معظم المدن اللبنانية الرئيسة وفي القرى التي هم فيها، ونسجت العديد من مواثيق التعاون مع جماعات إسلامية دعوية ناشطة، فضلاً عن تركيزها على استقطاب نخبة من الدعاة وطلاب العلم المتميّزين بفضل الله المتفوِّقين في دراساتهم الشرعية وإمكاناتهم الشخصية.

ثانياً: إقامة مؤسسات ناجحة في مجال تخصُّصها، وأخص بالذكر: شبكة واسعة من دُور القرآن الكريم (للحفظ وللتلاوة) في عدة مناطق لبنانية، علماً أنّنا افتتحنا أول مركز منها لتعليم التلاوة وتحفيظ القرآن في بيروت عام 1416هـ (صيف 1995م) والآن عددها ثمانية: خمسة تابعة لها وثلاثة أخرى تشرف عليها، وتهدف هذه الدُّور إلى ربط المسلمين بالقرآن الكريم وتحويل النظرة إليه من تراتيل تُتلى صبيحة الأعياد وعلى المقابر وفي المآتم إلى أنه كتاب الله الخالد المتضمّن رسالتَه إلى المسلمين وسائر الناس ليعرفوا: ما يريده ربّهم منهم.

ولقد تخرج من هذه الدُّور خلال (18) عاماً ما يقارب (200) حافظاً وحافظة، أما الذين استفادوا تعلُّماً وتلاوةً فيزيد عددهم على خمسة آلاف رجلٍ وامرأة وشابٍّ وفتاة.

ومن المؤسسات الناجحة التي وفَّقَنا الله سبحانه وتعالى إليها: (المنتدى للتعريف بالإسلام) الذي يحمل رسالة التعريف بالإسلام للشباب في الجامعات العلمانية ودعوة غير المسلمين في لبنان وخارجه ممن يأتي إليه -عن طريق الحوار والنقاش العلمي وحُسْن الخُلُق – إلى حقيقة الإسلام وعظمة تعاليمه بعيداً عن واقع المسلمين المُزْري أو المشوِّه للإسلام في بعض جوانبه. والحمد لله حقق (المنتدى) إنجازات رائعة؛ فقد أسلم في اثنَتَيْ عشْرَةَ سنةً حوالي (90) من الرجال والنساء: نِصْفُهم تقريباً من اللبنانيِّين والآخرون أجانب، ومعظمهم من حمَلة الشهادات العليا والتخصّصات المتميزة.

وهذه المؤسسة الثقافية تعرِّف بالإسلام بعدة لغات وتوفّر كتباً للتعرُّف على الإسلام وتعاليمه وأحكامه بحوالي (40) لغة، متعاونةً مع مراكز التعريف بالإسلام في عدد من البلاد العربية.

ومع انطلاقة الجمعية أطلقنا مؤسسة تنشط في المجال الخيري والإغاثي تقوم بعملها المعروف في الساحة الإسلامية… وحَرَصنا على أن يترافق مع أداء دورها الخيري تأديةُ دورِها الدعوي؛ هذه المؤسسة هي مؤسسة نماء (صندوق التكافل الإسلامي سابقاً) وهي إحدى المؤسسات الناشطة في العمل الخيري في لبنان بفضل الله ويتفرّع عنها إدارياً (جهاز الهداية والتبليغ) الذي يقوم بواجب الدعوة في أوساط العائلات التي تهتم بها والطلاب الذين تساعدهم والأيتام الذين ترعاهم جنباً إلى جنبِ الجهد الخيري والرعاية المعيشية. وكذلك يتفرّع عنها (حمْلة التكافل الإسلامي للإغاثة) التي نشطت في مجال الإغاثة أثناء حرب العدو الصهيوني على لبنان في صيف 2006م، وكان لها نشاط متميز بفضل الله في إغاثة العائلات السورية اللاجئة هرباً من ظلم ووحشية النظام السوري الاستبدادي.

ثالثاً: كسب المرأة المسلمة إلى صفوف الدعوة الإسلامية وتفعيل طاقاتها حتى تتقدم بوعيها واهتمامها بدينها وبتربية أولادها وبتحصيل العلم الشرعي وقيامها برسالتها الدعوية في أوساط النساء، والحمد لله حققت  الجمعية إنجازات مهمة في هذا المجال. خاصة أنه خلال الأعوام العشرين تمدَّد النشاط النسائي الدعوي في مختلف المناطق اللبنانية واهتمّ بتوعية المرأة دعوياً عن طريق إدارة اللجنة الدعوية، واجتماعياً عن طريق لجنة المرأة والأسرة (حنايا) مؤخَّراً، وإعلامياً عن طريق مجلة (منبر الداعيات) الرائدة في مجال الفكر والدعوة والاهتمام بتوعية المرأة وتطوير مشاركاتها الاجتماعية وفي مجال مناصرة الشعوب الإسلامية المستضعفة وتبنّي قضاياها، ونشرة (الأندلس) الشبابية، وصفحة (ريحانة الاتحاد) على الفايس بوك.

رابعاً: الثبات على منهجيّة البُعد عن التهوُّر في العمل أو التعصُّب في الفكر والرأي… في مقابل البُعْد أيضاً عن الميوعة والتسيُّب في المواقف أو التهاون في الفكر والفتاوى، ولقد وفّقنا الله عزّ وجلّ إلى ذلك فيما أقدّر -على الرغم من الظروف السياسية والاجتماعية الصعبة في لبنان وعلى الرغم من معايشة عدة عهود سياسية: متنوّعةِ الميول حادّةِ التعاطي مع الحالة الإسلامية. وهذه المنهجية يرسمها ميزان دقيق يهدي إليه اللهُ بتوفيقه وفضله، يستضيءُ بنور المنهج العلمي المرتبط بقال الله تعالى وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحسب وما فهمه أهل العلم الربانيون الأحرار المتخصصون التفسير السياسة الشرعية عنهما… مع الحرص الدائم على إكساب الدعوة الإسلامية تجربة مفيدة تقيم الحجة على المتهوِّرين وعلى المتهاونين معاً وتَكْسَب ثقة المسلمين وتتقدّم إلى مواقع جديدة نافعة للعمل الإسلامي تَقَدُّماً نوعياً.

 

2. «منبر الداعيات»: كيف هي علاقتكم مع الجماعات العاملة على الساحة اللبنانية: هل من تعاون وتنسيق؟

– نعم يوجد تنسيق، لا بل تعاون فعّال مع بعضها والحمد لله، ومع بعضها الآخر يتطلَّب التنسيقُ المزيدَ من الجهد ليرتقي إلى مستوى أعلى، ومن هنا فإنني أُطلق هذه المبادرة وهي أن تتوافق الجمعيات الإسلامية الأساسية النشطة على تشكيل مجلس أعلى أو هيئة عُليا للعمل الإسلامي كلّه أو على الأقل للجمعيات الإسلامية الأساسية لنصل إلى المجال الأخطر وهو: دور المسلمين السياسي في لبنان وماذا يريدون في ظل الصيغة اللبنانية الحالية المعقَّدة والمأزومة؟ وماذا يجب أن يخططوا له لمستقبلهم في سياق مشهد انبعاث إسلامي عالمي وفي نفس الوقت تحديات خطيرة وقاسية تشهدها بلاد المسلمين وخاصة بلاد الربيع العربي؟ مع الأخذ بعين الاعتبار ما يجب أن تقوم به بلاد الشام (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين) مستقبلاً ودورها التجديدي المنشود على خلفية رسالتها الحضارية ومواجهتها للكيان الصهيوني بوظائفه السياسية والعسكرية والإفسادية في المنطقة ومشروعه الخطير الفكري والثقافي والأخلاقي.

أخيراً أقول بصراحة: المسؤوليات جسام والإمكانات محدودة ولكن الآمال عريضة والطموحات كبيرة… وأرجو أن يكون لنا نصيب من وعد الله عز وجل: (إن تنصروا الله ينصُرْكم).

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *