هل كثرة الذنوب توجب القنوط من رحمة الله؟

فتوى رقم 4766 السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جاءني صديق، وقد ارتكب من الذنوب والمعاصي، والكذب، والسرقة منذ الصغر، والزنا، وهو يعرف الصلاه والصوم ولكنه يخجل أن يقف بين يدي الله، ويقيم الصلاة، وهو قد فعل ما فعل من المعاصي، هل ثمَّة فتوى له في هذه المسألة؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق: 

أخي السائل المسألة لا تحتاج إلى فتوى، وإنما تحتاج إلى أمر واحد وهو أن يعلم ذلك الشخص أن الله تعالى يحبُّ عبده التائب الـمُقبل عليه، ولو كانت ذنوبه كثيرة، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [سورة الزمر، الآية:53]. وروى الترمذيُّ في سننه من حديث أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم  يقول: “قال الله تبارك وتعالى: “يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عَنان السماء ثم استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة”. لاحظ معي قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم : “غفرت لك على ما كان منك ولا أُبالي” وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: “لو بلغت ذنوبك عَنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك” وليقرأ مَن غرق في المعاصي قولَ الله تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا) [سورة النساء الآية: 110]، ويقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [سورة آل عمران الآية: 135]. وفي الصحيحَيْن عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم  قال: «أَذنَب عبْدٌ ذَنْبًا فقالَ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِم أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ ربِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغفِرُ الذَّنبَ، وَيَأخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغفِرْ لِي ذَنبي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى: أَذْنَبَ عَبدِي ذَنبًا، فعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، قد غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ». متفق عليه.

وعليه: فالمطلوب من هذا الأخ أن يُقبل على الله تعالى، وليوقن أنَّ الله غفور رحيم، وأنه يُحب عبده الْمُقبل عليه، كيف لا وقد صحَّ في الحديث الذي أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: “يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً“. نسأل الله له الهداية والثبات.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *