ما حكم خروج المعتدة من وفاة؟
فتوى رقم 4758 السؤال: معتدَّة من وفاةٍ، هل يجوز لها أن تخرج لزيارة صديقاتها لتخفِّف عن نفسها؟ وهل يجوز لها السفر لأداء العمرة؟
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
فقد اتفق الفقهاء على أن المعتدَّة من وفاة لا تخرج من بيت الزوجية إلا لخوف أو ضرورة أو لحاجة، واتفقوا أيضاً على حرمة سفر المعتدة من وفاة ولو للحج أو العمرة. فالواجب على المرأة المتوفَّى عنها زوجها -ولو غير مدخول بها- الإحداد مدّة العِدَّة، وللإحداد أحكام تجب مراعاتها، نوجزها في خمسة أمور:
الأول: لزوم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فتقيم فيه حتى تنتهيَ العِدَّة، وهي أربعة أشهر وعشرًا؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [سورة البقرة الآية: 234]، إلّا أن تكون حاملًا فعدّتُها تنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: (وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [سورة الطلاق الآية: 4]، ولا تخرج من بيتها إلّا لحاجة أو ضرورة ؛كمراجعة المستشفى للعلاج، وشراء حاجتها من السوق كالطعام، إذا لم يكن لديها مَن يقوم بذلك، أو للعمل إذا لم يكن لها مَن يُنفق عليها، ونحو ذلك.
الثاني: ليس لها لبس الجميل من الثياب (فلا تلبس ثيابًا تُعَدُّ ثيابَ زينةٍ في العُرف).
الثالث: أن لا تتجمَّل بالحُلِيِّ بجميع أنواعه؛ من الذهب، والفضّة، والماس، واللؤلؤ، وغير ذلك، سواء كانت قلائدَ، أو أساورَ، أو غيرها، حتى تنتهي العِدَّة.
الرابع: أن لا تتطيَّب بأيّ نوع من أنواع الطِّيب، سواء كان بخورًا أو دهنًا، إلا حال طُهرها من الحيض فلها -إذ ذاك- أن تستعمل الطِّيب في المحلِّ الذي فيه الرائحة الكريهة.
الخامس: أن لا تتزيَّن في وجهها أو عينها بأي نوع من أنواع الزينة أو الكحل.
تنبيه: لا حرجَ في كلام المعتدَّة وغيرها مع الرّجال ما دام في حدود الأدب والاحتشام، وإنّما النهي عن الخضوع بالقول، قال تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [سورة الأحزاب الآية: 32]، وينبغي أن يُعلم أنّ كلام المرأة للرجل يكون في حدود الحاجة، وإذا حصلت مخالفة من المعتدَّة وفعلت ما ينبغي لها تجنُّبه فعليها الاستغفار والتوبة وعدم تكراره، وليس لهذا الفعل كفّارة غير ذلك. وتنتهي عِدَّة المتوفَّى عنها زوجها بمضيِّ أربعة أشهر وعشرة أيام ابتداء من وقت وفاة زوجها، ولا يلزمها قضاء العِدَّة إذا فاتتها.
وعليه: يحرم على المعتدَّة من وفاةٍ الخروجُ لزيارة صديقاتها أو السفر ولو للحج او العمرة، ويجب عليها الالتزام بالأحكام التي ذكرناها. والله تعالى أعلم.