فتاة مسلمة تزوَّجت من رجل نصرانيٍّ أسلم من أجل أن يتزوَّج بها، هل هذا الزواج صحيح؟
فتوى رقم 4751 السؤال: السلام عليكم، فتاة مسلمة تزوَّجت من رجل نصرانيٍّ أسلم من أجل أن يتزوَّج بها، هو يؤمن بالله والرسل جميعاً، أخلاقه عالية جداً وسلوكه وتعامله مع الفتاة وأهلها والناس جميعاً كما تجب أن تكون أخلاق المسلم؛ فهو لا يأكل لحم الخنزير، ولا يشرب الكحول، ولا يقوم بأي شيء من محرَّمات الاسلام، لكنه لا يصلِّي الفرائض. هو يحاول الآن القيام بالفرائض والقراءة أكثر بالسيرة النبوية والشريعة الإسلامية. تم الاتفاق أنه لو رزقا بأطفال سوف يتربَّون على تعاليم الدين الإسلامي. هل هذا الزواج صحيح؟ هل يجب بعد أن يُسلم إسلاماً حقيقياً ويقوم بفرائضه القيام بعقد زواج جديد؟ مع العلم أن العقد الأول كان عند شيخ ومع شهود ومهر، يعني كما يجب أن يكون، وقد تمَّ إشهاره. شاكرين لكم.
الجواب، وبالله تعالى التوفيق:
الأصل في عقد زواج المسلمة ممن أسلم حديثاً أن يتمَّ التأكد من حُسن إسلامه، فالإسلام ليس -فقط- كلمة تُقال باللسان ليس لها واقع في الحياة العملية؛ فالنصرانيُّ الذي يدخل في الإسلام لا بدَّ له مع إقراره ونطقه واعتقاده بكلمة التوحيد -لا إله إلا الله محمَّد رسول الله- أن يُقِرَّ بنبوَّة عيسى ابن مريم عليه السلام، وأن يُقِرَّ بأنه لم يُقْتَلْ ولم يُصْلَبْ بل شُبِّه لهم، ومع ذلك لا بدَّ من أن يدرس العقيدة -ليس بالمفهوم الأكاديمي- وأن يعلم مقتضياتِ كلمة التوحيد ولوازمَها، ويُشرح له الأحكام الشرعية الواجبة عليه: كالطهارة، والصلاة، وصوم رمضان، وغيرها من الفرائض من أخلاق ومعاملات وغيرها… ويعلم ما يحرم عليه من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير والقمار والميسر وكشف العورات والزنا وغيرها من المحرَّمات، وهذا يحتاج إلى وقت لتعلُّمه، وإلى أن يتعلَّم ذلك، ويلتزم بالفرائض ويجتنب المحرَّمات -فإن أقرَّ بالشهادتين ولم يتعلَّم بعدُ ما ذكرناه- فهو مسلم ولكن لم يَحْسُنْ إسلامُه بعد، فإن تعلَّم وأدى الفرائض واجتنب المحرَّمات، فقد حَسُنَ إسلامُه، ويمكن عندها أن تتزوَّجه المسلمة، وإلا فلا يَحِلُّ زواجُها منه. فهذا الزوج –كما في السؤال – دخل في الإسلام وتمَّ عقد زواجه على الفتاة المسلمة مباشرة، فإن كان ظاهره أنه لا ينكر شيئاً مما فرضه الشرع عليه كالصلوات الخمس وصيام رمضان ونحوه، وأعلن نبذه لعقيدة النصارى، فهذا مسلم، ولو لم يؤدِّ الفرائض طالما أنه لا يُنكرها، فإذا كان الحال كذلك فالعقد صحيح، وإلا بأنْ كان لا يزال يعتقد شيئاً من عقائد الكفر –النصرانية- أو ينكر ما فرضه الله على المسلم من صلاة أو صيام رمضان ونحوه من الفرائض، فهذا لم يثبت إسلامه.
وعليه: فإن تمَّ التثبُّت من إسلامه قبل العقد، كما ذكرنا سابقاً، فلا يحتاج إلى عقد جديد، وإلا بأنْ لم تثبت صحة إسلامه، فالواجب إعادة إجراء عقد الزواج بعد أن ثبتت صحة إسلامه.
تنبيه: كثيراً ما ينبِّه أهل العلم إلى خطورة المسارعة إلى الزواج ممن أسلم حديثاً قبل التثبُّت من صحة إسلامه، فأمر الفُروج خطير، والأصل فيها التحريم. والله تعالى أعلم.








